في الحقيقة كانت المواجهة بين الإسلام المحمدي(ص) الأصيل و الإسلام الأموي. فموضوع بني أمية كان في مواجهة الإسلام و المسلمين. في ذلك الوقت لم يكن هناك في الأساس صراعات طائفية . فأصحاب الطرفين لم يكونوا شيعة و سنّة لنقول أن أحد الأطراف كانوا شيعة وعلي الطرف الآخر كانوا سنّة! فأصحاب الإمام كانوا يتمحورون علي ابن رسول الله و قد اجتمعوا حوله عليه السلام. كما كانت جهود الإمام تنصبّ علي أن لا تقع المواجهة قدر المستطاع.
في الحقيقة كانت المواجهة بين الإسلام المحمدي(ص) الأصيل و الإسلام الأموي. فموضوع بني أمية كان في مواجهة الإسلام و المسلمين. في ذلك الوقت لم يكن هناك في الأساس صراعات طائفية . فأصحاب الطرفين لم يكونوا شيعة و سنّة لنقول أن أحد الأطراف كانوا شيعة وعلي الطرف الآخر كانوا سنّة! فأصحاب الإمام كانوا يتمحورون علي ابن رسول الله و قد اجتمعوا حوله عليه السلام. كما كانت جهود الإمام تنصبّ علي أن لا تقع المواجهة قدر المستطاع.
الأستاذ علي أقا نوري عضو الهيئة العلمية في جامعة الأديان والمذاهب. وهو مختص في تاريخ و سيرة أهل البيت (ع) حيث يتناول في بحثه بشكل محدد سيرة الأئمة الأطهار(ع) المنادية بالوحدة وكانت ثمرة هذا البحث كتاب بعنوان «أئمة الشيعة والوحدة الإسلامية». التقينا الأستاذ أغانوري ليجيب علي أسئلتنا حول سيرة الإمام الحسين (ع) المنادية بالوحدة فكان الحوار التالي:
هل «للوحدة الإسلامية» مكان في ثورة عاشوراء؟
نظراً للمشاكل التي تواجه العالم الإسلامي فلا بد من تناول تلك المواضيع بشكل أكبر ومن الأفضل أن نناقش تلك المواضيع من منظور الأئمة الأطهار عليهم السلام. إذا قمنا بدراسة ثورة الإمام الحسين(ع) بالتأكيد علي الشواهد التاريخية و نظراً للشعارات و الكلام الذي وصل إلينا من الإمام منذ بداية الحركة حتي نهايتها، المواضيع التي دارت بين الإمام وبعض المعارضين وحتي التركيز علي تأثيرات الثورة بعد شهادة الإمام الحسين(ع) وحالات من هذا القبيل، وبشكل عام واستناداً إلي هذه الوثائق فإنه لا يمكننا أصلاً أن نزعم أن حركة الإمام كانت حركة في أجواء شيعية صرفة أو لأهداف طائفية أو مثلاً في مواجهة السنة. فلا أهداف الإمام كانت طائفية و لا شعاراته كانت في هذا السياق، بل كانت حركة بعنصر اسلامي و مع التأكيد علي عنصر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعنصر إصلاح الأمة. تلك كانت شعارات الإمام. في ذلك الوقت لم يكن هناك شيء بعنوان شيعة و سنّة! كانت الشعارات و الأهداف تدل علي أن الإمام الحسين(ع) يريد إصلاح الأمة ولم تكن ثورته بمعني أنها تمرد و حركة تؤدي إلي تفرّق المجتمع. في مجتمع يكون فيه يزيد هو الحاكم لن يكون للإسلام و المسلمين محل من الإعراب ليقوم الإمام(ع) بالدعوة إلي تماسك المجتمع الإسلامي. في الأساس لم يكن الصراع بين الشيعة و السنّة. في الحقيقة كان الصراع بين الإسلام المحمدي الأصيل و الإسلام الأموي. كان الموضوع بني أمية في مواجهة الإسلام والمسلمين. في ذلك الوقت لم يكن هناك مواضيع طائفية. فأصحاب الطرفين لم يكونوا شيعة و سنّة لنقول أن أحد الأطراف كانوا شيعة وعلي الطرف الآخر كانوا سنّة! فأصحاب الإمام كانوا يتمحورون علي ابن رسول الله و قد اجتمعوا حوله عليه السلام. كما كانت جهود الإمام تنصبّ علي أن لا تقع المواجهة قدر المستطاع. حتي أن الإمام قد بذل معظم جهوده كيلا يحدث هجوم من الجهة المقابلة. مع ذلك فقد حصل الهجوم في النهاية من طرف العدو. لدينا العديد من الأدلة التي تدل علي أن الإمام الحسين(ع) كان يتّبع الرسالة والسنة النبوية في المكان الذي كان يعرّف عن نفسه و في المكان الذي يصف فيه العدو وأن العدو يحدث بدعة.
-ما هي الأدلة الموجودة علي أن أعمال الإمام كانت من أجل حماية الوحدة الإسلامية؟
قبل إمامة الإمام الحسين (ع) و في فترة إمامة الإمام الحسن المجتبي (ع) كانت تصل رسائل كثيرة و مطالبات من قبل معارضي بني أمية و محبّي أهل البيت عليهم السلام للإمام الحسين (ع) تطالبه بالبدء بالثورة و النهوض ضد بني أمية. لقد وردت تلك الرسائل في التقارير التاريخية. لكن الإمام كان يعلن أنه طالما عهد الصلح لدي أخي فإنني لن أقوم بأية حركة و نحن ملتزمون بذلك العهد. طبعاً كان معاوية نوعاً ما يراعي الظواهر. لذلك كانت حركة الإمام بعد موت معاوية كما أن الإمام لم يعط البيعة ليزيد و الإلتزام بها و عندما طلب يزيد مع صفاته تلك أخذ البيعة لم يرضخ الإمام لذلك. حتي أن المصالحة و ترك المخاصمة كانت مع معاوية و ليس مع يزيد لذلك فإن الأشخاص الذين يقولون أن الإمام قد نقض البيعة هم مخطئون. لم يكن بين الإمام و يزيد أي عهد في الأساس فكيف بالبيعة! بقي الإمام طوال فترة حكم معاوية ملتزم بعهد الصلح و لم يحصل اعتراض علي مصالحة الإمام الحسين. طوال فترة حياة الإمام لم نشاهد منه أي كلام و حركة بأنه يريد الطعن في الخلفاء، و هذا بنفسه دليل علي سيرة الإمام الوحدوية؛ في الواقع كان الإمام يهتم بمراعاة الإعتبارات الدينية و مشاعر الناس.
- هل كان بين أصحاب الإمام الحسين (ع) أشخاص لا يمتلكون عقائد الشيعة الخاصة؟
مع هذا المفهوم الذي لدينا اليوم بعنوان إمام طاعته واجبة علينا فإننا لا نري في شعارات الأصحاب المعروفين الخاصين أن الإمام لديه علم غيب أو عصمة بل نشاهد أن معظم شعاراتهم كانت تؤكد علي أن الإمام هو ابن رسول الله. في بعض الشعارات تمت الإشارة إلي أن الحسين (ع) وصي. لكن لا نستطيع القول أن جميع هؤلاء 72 شخص الذين اجتمعوا حول الإمام قد قاموا معه في حركة عامة لأنه كان إماماً مفترض الطاعة أو لأنه منصوص الإمامة، لا لم يكن الأمر كذلك. مثلاً زهير بن القين كان سنّياً بكل ما تعنيه الكلام وفق المعني الموجود اليوم. لكن عندما قال له الإمام الحسين (ع) ألا تريد أن تنضم إلينا؟ فكّر قليلاً و يبدو أنه تردد بعض الشيء لكن زوجته أزالت له شكّه فالتحق بجيش الإمام. حتي إذا رجعنا إلي شعاراته أيضاً فسنري أنه قد دافع عن الإمام(ع) كثيراً. لا أنه جاء و قال لقد تبت وهذا الحسين إمام مفترض! لا بل نشاهد في شعاراته أنه يقول: «ألا تخجل أن تفعل ذلك مع ابن رسول الله!»
علي الأقل وعلي حد معرفتي فقد كان بين أصحاب الإمام(ع) أشخاص ليسوا شيعة بالمعني الحالي للكلمة. بالطبع فإن معرفة أشخاص مثل أبا الفضل و علي الأكبر عليهم السلام هي استثناء. لكن في غير أهل بيت الإمام(ع) يلاحظ أن جميع أصحابه الشيعة لم يكونوا بالمعني الخاص للكلمة اليوم ولا بتلك الإعتقادات. في الأساس لم يكن هناك في تلك الأيام مثل هذه المواضيع التي نمتلكها اليوم. في الحقيقة كان صراع ابن رسول الله مع بني أمية. وليس صراع قائد الشيعة مع قائد فرقة أخري! لذلك لا ينبغي أن نعرّف ذلك الإمام علي أنه إمام الشيعة أو أن نحصره بأنفسنا. فالإمام الحسين(ع) هو إمام جميع المسلمين.
-أشرتم في بداية كلامكم إلي شعارات للإمام(ع) فأي من شعارات الإمام تلك كانت تدل علي نظرته الوحدوية؟
في العديد من الأماكن التي يعرّف فيها الإمام عن نفسه لم يقل أنا إمامكم. بل كان يقول نحن أهل بيت النبوّة و معدن الرسالة و محل نزول الملائكة. و عندما كان يصف الطرف المقابل فإنه كان يصف بني أمية و يعدد صفات يزيد المخالفة للإسلام من أن يزيد شخص شارب للخمر و قاتل للنفس المحترمة...ثم يطلب من المخاطب أن يقارن هل نحن نستحق الخلافة أم هم؟! أو أنه يقول في كلام آخر مشهور: «علي الإسلام السلام إذا بليت الأمة براع مثل يزيد». وهنا يؤكد أيضاً علي الأمة، يعني أمة محمد(ص) و ليس علي مجموعة خاصة و فرقة خاصة ولا مثلاٌ نحن أهل البيت! ثم يقول إنني سمعت من رسول الله (ص) أن «الخلافه محرمه علي آل ابو سفيان». بشكل كلي فإنه عندما يقوم بالتعريف عن نفسه في مكان ما، حتي عندما كان يريد أن يوصي، فإنه كان يؤكد في تعريف نفسه علي أنه واحد من أعضاء أهل البيت(ع). في المقابل فإنه يصف بني أمية منذ البداية بأنهم معاندين و أعداء لأهل البيت(ع). لقد كان بني أمية في الأساس مصداقاً بارزاً للنواصب. فهم لم يكونوا يعتقدون بالإسلام كما أن إسلامهم كان بالإكراه و كما قال رسول الله (ص) فقد كانوا حزب الطلقاء.
حتي عندما أراد الإمام أن يتحدث عن الوضع الثقافي للمجتمع أو عندما كان يريد الحديث عن ثورتهم فإنه يقول: «أيّها الناس، إنَّ رسولَ اللَّهِ (ص) قالَ: مَن رأى منكُم سُلطاناً جائِراً مُستحلاً لحرم الله، ناكثاً بعَهدِه، مُخالِفاً لسنّةِ رسولِ الله، يَعملُ في عبادِه بالإثمِ والعدوانِ، فلم يغِرْ (وفي رواية فلم يُغيّر ما) عليهِ بقولٍ ولا بفعلٍ، كان حَقّاً على الله أن يُدخِله مَدخلَه». هنا يؤكد الإمام(ع) علي السلطان الجائر. الذي حرّم حلال الله و حلل حرامه، نقضوا العهد و خالفوا سنة الرسول؛ أهل معاصي و أعداء الله؛ و في مكان أخر يقول أنهم لازموا طاعة الشيطان و تركوا الرحمن وأظهروا الفساد...يريد الإمام أن يوقظ الناس كيلا يبتلوا بمثل هؤلاء الأشخاص في المجتمع الإسلامي. و هنا أساساً لن تبقي أمة اسلامية لنسعي وراء تحقيق وحدتها! ولا يمكن السعي وراء الوحدة مقابل خسارة أساس الإسلام! عندما لا يكون الإسلام لا يكون للوحدة محل من الإعراب. بشكل كلي فإن فلسفة ثورة الإمام تتلخص في جملته هذه: «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً... إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي». إذاً كانت ثورته من أجل صلاح أمور أمة جده وليس طلباٌ للخلافة! إذاً كان الموضوع هو موضوع الأمة علي عكس ما يحاول البعض إظهاره من وراء ثورته أو تخصيصه بعبارات مثل «إمام الشيعة». لا يجب أن نقول إمام المسلمين.
-كيف يمكننا إظهار فرص الوحدة في ثورة عاشوراء و جعلها عملية؟
أفضل عمل نقوم به هو أن نستعرض القدرة الواقعية لثورة الإمام و أن لا نحصرها بفرقة أو مجموعة خاصة. علينا أن لا نعتبر أن ثورة الإمام الحسين(ع) ثورة شيعية بحتة وأن لا نعتبر الإمام خاص بالشيعة! انظر كيف يقدّر علماء أهل السنة الكبار الإمام الحسين(ع). يجب أن نغتنم ذلك ونؤكد علي الإشتراك في هذاالرأسمال القيّم. يعني جعل الإمام الحسين(ع) محور مشترك وأن نعرّفه علي أنه إمام للمسلمين و أنه إمام ثار علي الظلم ليتمكنوا هم أيضاً من أخذ الدروس. يجب أن لا نهيّيء الظروف لننفرد بالإمام ونقول دائماً إمامنا إمامنا! أو أن نعيد طرح القضايا التاريخية القديمة أو أن نربط ثورة الإمام الحسين(ع) بذلك لأننا بهذا العمل سنفوّت الفرصة. في النهاية علينا أن نبلغ بالعمل مرحلة يظن فيها أهل السنة أن الإمام الحسين(ع) كان إمامهم فقط!
قبل سنوات لم يكن هناك فرق يذكر في إقامة مراسم عزاء الإمام الحسين(ع) بين الشيعة والسنّة لكن عندما نعتبر أن الإمام خاص بنا و نؤكد كثيراً علي هذا الأمر فإننا نبيّن فلسفة الثورة بطريقة و كأنّ الإمام كان يواجه فرقة معينة و هذاسيؤدي إلي التقليل من مكانة الثورة الحقيقية وهل سيكون له أية نتيجة أخري؟!لماذا لا نؤكد علي هذا وهو أن جميع علماء السنّة يثنون علي الإمام الحسين(ع) وثورته. هم يقولون عن الجاحظ أنه كان عثماني حتي التفتازاني و ابن حزم والشوكاني حتي ابن تيميه و عبده وغيرهم.
إذا طالعت كتاب «نظرة جديدة علي ثورة عاشوراء» فإنك ستشاهد قائمة بأسماء العديد من العلماء السنّة الذين أثنوا علي الإمام الحسين(ع) كما أنهم أيّدوا الثورة و أولوها احتراماً خاصاً و من جهة أخري تحدثوا ضد يزيد كما أنهم يرفضونه. نحن لا ننكر الآن أن مجموعة من علماء أهل السنة يقولون بناءاً علي بعض الأسس الموهومة أن يزيد قد اجتهد في هذا العمل. لدينا مثل تلك الإستثناءات لكن لماذ لا نستفيد من تلك الفرصة العظيمة ولا نؤكد بشكل دائم علي تلك الإستثناءات؟! إن السيرة الكلية لعلماء أهل السنة الثناء علي الثورة وعلينا جميعاً أن نستفيدمن تلك الفرصة وننادي يا أيهاالناس هذا إمام آخر إمام مشترك علي الأقل فإن ثورته هي ثورة مشتركة من أجل جميع المسلمين.بهذه الطريقة يمكن بسهولة تعزيز حالة النظرة الوحدوية والتقريبية لديهم. إذا نتج عن تلك الدعوات حقن دم شخص واحدفقط و ازداد وعي شخص واحد فقط وترك الكراهية الطائفية والقبلية فإن المسلمينسينعمون بالإستقرار أكثر. عندما يزداد الأمن والإستقرار فإن ازدهار الناس سيكون أسرع. علي كل شخص أن يبذل مابوسعه سعياً وراء تسامي جميع المسلمين.