أهم أصل و مبدأ من أجل مثل هكذا وحدة الإحترام المتبادل وعدم الإساءة والشتم. ما أجمل ما قاله سماحة القائد من أنّ الإساءة للمقدسات هي خط أحمر بالنسبة للنظام. للوحدة الإسلامية طرفين: الشيعة و السنّة. يجب أن نفهم عقلية الإثنين للعثور على وسيلة لتحقيق هذا الواجب. لهذا السبب توجهنا إلى أحد علماء أهل السنة الإيرانيين لنستطلع نظرته حول الوحدة الإسلامية وسُبل الوصول إليها.
مولوي عبد الحميد شه بخش، من بين أساتذة الحوزة العلمية المعروفين لدى أهل السنة في محافظة سيستان وبلوشستان حيث سيجيب على تساؤلاتنا في هذا المجال. فهو يقول أنه إذا التزم الجميع بما قاله قائد الثورة من أن الإساءة إلى المذاهب خط أحمر للنظام فإن الوحدة العملية ستتشكل. وفيما يلي نص الحوار الذي أجريناه معه:
-ماهو تعريف الوحدة من منظور سماحتكم؟
برأيي الوحدة تعني ترك الخصومة و العداوة وقبول العيش مع بعضنا البعض بطريقة سلمية. وأن نحلَ الإختلافات التي من الممكن أن تظهر على مرّ الزمن عن طريق الحوار.
أهم أصل و مبدأ من أجل مثل هكذا وحدة الإحترام المتبادل وعدم الإساءة والشتم. ما أجمل ما قاله سماحة القائد من أنّ الإساءة للمقدسات هي خط أحمر بالنسبة للنظام.
لقد دعانا الله سبحانه وتعالى إلى الوحدة والتآزر. يقول:
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.
الإتحاد والتغاضي عن الإختلافات. حتى أن الله الحكيم قد توقّع أن يصل الإختلاف بين فريقين من المسلمين إلى حد الحرب فيما بينهم. قال:
وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ.
كما أشار إلى واجب آخر على بقية المسلمين وهو أن لا يجلسوا متفرجين بل يتدخلوا و يحاولوا مصالحة الطرفين.
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.
كما منع من التنازع والإنقسام و حذّر المسلمين من عواقب ذلك:
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ.
وفي مكان آخر قام بتهديد دعاة التفرقة والتنازع بعذاب عظيم..
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ.
إذاً الوحدة الإسلامية تعني الإتحاد بالرغم من وجود الإختلاف وأن يقفوا مع بعضهم البعض ويريدون الخير لبعضهم.
-برأي سماحتكم ما هي تحديات وآفات الوحدة الإسلامية؟
أول آفة عدم الصدق. يعني أن نلتزم بشكل صادق بالقول و العهد الذي قطعناه لبعضنا، بعبارة أخرى يجب أن نلتزم و نؤمن بصدق بالعهد الذي قطعناه مع بعضنا.
أهم آفة للوحدة هو شعور أحد الطرفين بعدم الصدق. أحياناً يمكن لهذا الشعور أنن يكون موجوداً لدى الطرفين. عدم الثقة و الشك و التردد من أكبر آفات الوحدة الإسلامية.
الآفة الثانية خرق وعود وترتيبات الوحدة والعمل عكس ذلك. والأهم من هذا كله الشتم والإساءة لمقدسات الطرف الآخر.
الوحدة العملية معناها أن يقبل كلّ من الفريقين المتحدين بصدق وبلا نفاق أن يتحدوا فيما بينهم. أن يحترموا و يحبوا بعضهم البعض وأن لا يشتموا و يسيئوا لبعضهم بأي شكل من الأشكال.
إذا أردنا أن نضرب مثالاً على مثل تلك الوحدة فإن هناك حالات كثيرة سأشير إلى حالتين منها.
اليهود والنصارى دينان متناقضان. أي طرف منهما لا يقبل بحقانية الطرف الآخر.
فاليهود يعتبرون عيسى (نعوذ بالله) ابن زنا و يوجهون لأمه السيدة مريم الكثير من التّهم. لقد سعى اليهود كثيراً لاعتقال وإعدام سيدنا عيسى. لذلك فإن المسيحيين يحملون الغلّ والعداوة لليهود في قلوبهم و يعتبرون أن اليهود هم قتلة عيسى المسيح. (نعتبر بناءاً على عقائد المسلمين أن سيدنا عيسى مازال حيّاً ولم ينجحوا بإعدامه)
هذان الدينان المتناقضان قررا الوحدة. لقد أصبحوا واحداً فيما بينهم. بعد عدة سنوات و لكي يحولوا دون حصول الإنقسام في المستقبل اجتمع عدد كبير من رجال الدين المسيحيين مع بعضهم وعقدوا اجتماع قاموا خلاله بتبرئة اليهود من قتل المسيح. وبهذا الشكل فقد اتّحدوا فيما بينهم بشكل حقيقي.
المثال الثاني: قرر المسلمين و هندوس الهند أن يتحدوا فيما بينهم وأن يعيشوا مع بعضهم بشل سلمي. فوضعوا عهداً فيما بينهم بأن لا يسيئوا قدر المستطاع لمقدسات بعضهم البعض. لقد مرّ الآن عدة أعوام على ذلك التاريخ ومازال الهندوس والمسلمون ملتزمون بوعدهم. البقرة جزء من مقدسات الهنود حيث لا يوجد مسلم هناك يسيء إلى البقرة ولا أحد من المسلمين يذبح بقرته.
وبهذا الشكل مازالت وحدتهم مستمرة لسنوات حتى أن رئيس الهند يكون مسلماً في بعض الأحيان. عدد كبير من علماء الهند هم مسلمون حتى أن الشخص الذي اخترع القنبلة النووية الهندية كان مسلماً.
إذاً نستنتج أنه عندما يتمكن أتباع الأديان الأخرى من الإتحاد فيما بينهم فلماذا لا يستطيع أتباع دين واحد أن يتحدوا فيمابينهم؟
برأيكم هل أقيمت الوحدة بشكل عملي في إيران الاسلامية؟
بالرغم من الجهود الكثيرة التي بُذلت في هذا المجال لكن للأسف لا. مازالت تفصلنا مسافة كبيرة عن الوحدة العملية. مازال أهل السنة يشعرون بالتمييز والإستياء. بدل أن يجلس علماء الشيعة والسنة مع بعضهم و يقوموا بالتدريج بإزالة و تقليل الأشياء التي تسيء إلى الوحدة من المراسم الدينية فإنهم على العكس أوجدوا الأشياء التي لم تكن موجودة في السابق.
ما هي العوائق التي تراها موجودة في طريق هذه الوحدة؟
إن عوائق الوحدة متعدة. الأول أن هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يحققون مكاسب مادية ويعقدون الآمال على ذلك عن طريق خلق الإنقسام وهم في العادة ليسوا من أفراد المجتمع العاديين بل يعتبرون من أركان المجتمع.
لكي تفهم ما أرمي إبيه سأروي لك قصة. قبل عدة سنوات كنا قد ذهبنا إلى قم. هناك نقلوا لنا قصة. يقولون أنه عندما كان الحاج يونسي وزيراً للإستخبارات جاء إلى قم و ذهب للقاء أحد المراجع الكبار. هناك أدرك أن ذلك المرجع مستاء بعض الشيء. سأله عن السبب فقال كيف تكون وزيراً للإستخبارات و نحن أرسلنا طلبة إلى بلوشستان من أجل الدعوة إلى الدين فأخذه الوهابيون و قاموا بنتف ذقنه و قطع أنفه.
فقال السيد يونسي أنني لن أغادر قم حتى أشرح و أبيّن لك هذه القضية. أعطني اسم ذلك الطلبة. عثر يونسي على الطلبة و وجد أن ذقنه منتوفة بالفعل و أنفه مقطوع. بعد عدد من الأسئلة و الأجوبة اعترف أخيراً ذلك الطلبة أنّ البعض في المحافظة قد أعطوني مبلغاً من المال لأخبر المراجع بتلك القصة.
ذهب الحاج يونسي برفقة الطبيب ومعه طالب الدين إلى ذلك المرجع وأشار إلى الدكتور وقال هذا الوهابي هو من قطع أنف هذا الطالب! هناك حالات كثيرة كهذه الحالة وهناك الكثيرون ممن يرشون بذور العداوة و عدم الثقة. ذات مرة ذهبنا برفقة حشد من علماء بلوشستان لرؤية أحد مراجع قم الكبار. قال ضمن خطبته أنه بحسب التقارير التي تصلني فإن هناك شيئان يعكّران صفو الوحدة، الأول أنّ أهل السنة يشترون منازل و حوانيت الشيعة ليهدموها ويحولوها إلى تراب الثاني أن أهل السنة ينجبون الكثير من الأولاد. تعجب جميع العلماء واندهشوا. للأسف فإن بعض المغرضين يضللون أولئك المراجع العظام بتقارير كاذبة و يقودونهم إلى الخطأ والإشتباه.
عندما نقول أن إيران ملك لجميع الإيرانيين يعني أي إيراني بإمكانه أن يختار أي مكان يحبه في إيران بعنوان مكان إقامة له.
أحياناً نسمع أن بعض الكبار يعرب عن قلقه من هجرة أهل السنة إلى مدن إيران و يعلن الخطر جرّاء ذلك و هذا برأيي يوجه ضربة للوحدة. فالمدن الكبرى عاة تستقبل المهاجرين ولا فرق بين الشيعي والسني. لهذا السبب يقوم المهاجرون من همدان و أراك و الأهواز بالهجرة إلى المدن الكبرى، كما أنه من المدن السنية أيضاً يهاجرون إلى المدن الكبرى من أجل العمل أو الدراسة.
الموضوع الآخر هو التطور الكبير الذي لا سابق له في وسائل الإعلام في هذا العصر. فهناك أشخاص يقومون مثلاً بنشر الكلام المسيء الذي يقوله رجل منبر تجاه مقدسات السنة و بعض ذلك الكلام يكون قد قيل في مجالس خاصة ليتسرب بسهولة بين أهل السنة و هذا بدوره سبب لعدم ثقة و سوء ظن أهل السنة.
مقطع فيديو: عندما يقطعون رؤوسنا فإن سكينهم واحدة!
دانلود(تحميل)
إذا كان لديكم كلمة أخيرة في هذا الخصوص فتفضلوا؟
الوحدة مطب يريده أي إنسان عاقل وحكيم وهي لصالح الجميع. لمصلحة البلد، لمصلحة الشيعة، لمصلحة السنة. كما أن التفرقة سيئة للجميع.
لقد جرت العادة في بلادنا أن أي حادثة تقع نقوم مباشرة بتوجيه أصابع الإتهام إلى العدو الخارجي ونرمي بجميع الذنوب في عنق العدو. برأيي إن هذا غير صحيح أصلاً. فعمل العدو هو العداوة لكن إذا لم نرد نحن ذلك فأي شيء يستطيع العدو القيام به؟
مثلاً عندما يكون شخص غارق بالذنوب والمعاصي ويسألوه عن السبب فإنه يقول هذا بسبب الشيطان. للشيطان دور لكن إذا لم يذهب الإنسان بنفسه إلى الشيطان فإن الشيطان لن يستطيع القيام بأي عمل. بهذه الطريقة يبذل العدو كل ما بوسعه لكن إذا لم نشأ نحن فإن العدو لن يتمكن من فعل شيء.
إذا كان الشيعة و السنة لا يسعون بأنفسهم وراء التفرقة فإن العدو لن يستطيع القيام بشيء. لماذا مثلاً لا نستطيع أن نرمي الإختلاف بين اليهودي والمسيحي؟ لأنهم هم لا يريدون أن يختلفوا.
خلاصة الأمر أن أهم نقطة في خلق التفرقة هي الشتم والإساءة. إنني أعلن نيابة عن أهل السنة لأخوتنا الشيعة أن أهل السنة يعتبرون جميع أئمة الشيعة عظماء. لذلك فإن أي شخص من أهل السنة لن يوجّه إساءة لأئمة الشيعة أبداً حتى في أخص المجالس وحتى في المنازل.
هناك في التاريخ الكثير من أعلام أهل السنة الذين ضحّوا بأنفسهم من أجل الدفاع عن أئمة الشيعة. فالإمام النسائي المحدث الكبير و كاتب أحد الصحاحات الستة قد استشهد خلال اشتباكه مع جاهلي دمشق في الدفاع عن منزلة الامام علي عليه السلام. كما خسر الإمام أبو حنيفة حياته في الدفاع عنن الإمام العلوي زيد بن علي ابن الإمام السجاد الذي ثار ضد بني العباس. وفي المقابل فإننا نتوقع من الاخوة الشيعة أن لا يسيئوا إلى مقدساتنا في مكان نسمع فيه. إذا فعلننا ذلك فلن يكون هناك أي اختلاف بيننا.
هذا البحث كان حول الأوضاع الداخلية في البلاد. لكن إذا أردنا الحديث عن الأوضاع الخطيرة للعالم الإسلامي فإن هناك كلام كثير وأوضاع العالم الإسلامي خطيرة و سيئة للغاية.
وأختم الكلام بفقرتين من كلام سماحة قائد الثورة فيما يخص الوحدة.
يقول سماحة القائد:
نقول للجميع أن يحافظوا على احترام بعضهم وأن لا يسيئوا لعقائد و مقدسات بعضهم. إذا أراد شخص بحجة عقائدية أن يسيء إلى مقدسات الآخرين فإنه من وجهة نظرنا لا يستحق الدفاع عنه. المحبة ذات طرفين. يجب على الجميع أن يساعدوا بعضهم لتخلق المحبة ولا يستطيع العدو استغلال ذلك؛ فالعدو لا تربطه علاقة جيدة لا بالشيعة ولا بالسنة، بل إنه يعارض أصل الإسلام وهو يحمل الغلّ ضده. نفس الإسلام الذي يضم الشيعة و السنة مبغوض من أمريكا و الرجعيين.
وفي سفره إلى كردستان قال كلاماً جميلاً:
الإساءة إلى مقدسات الشيعة أو السنة هو الخط الأحمر للنظام ولا أحد يحق له سواء كان شيعي أم سنّي أن يتجاهل هذا الخط عن طريق الغفلة أو التعصب ليصبح عن قصد أو من غير قصد أفضل أداة بيد العدو.