حمولة ...

أرجعوني و قالوا لي تكلم, أجبتهم أني قلت كل ما عندي, قالوا لي يبدو أنك تحب العذاب. غطوا عيني و قيدوا يدي. بدأ بصعق بدني بالكهرباء فصرت أرتعد بشدة. قال تتكلم أم لا ؟ قلت ليس عندي ما أقوله. صعق رأسي بالكهرباء و كرر نفس السؤال فأجبته بالجواب نفسه, فصار يصعق أماكن مختلفة من جسمي بالكهرباء.

كنا نستمع الى حديث واحد من ثوار البحرين, في الجزء الأول من هذا الحوار أطلعنا على تاريخ معارضة الشعب البحريني لسلطة آل خليفة, و أفادنا بتحليل مختصر للأوضاع السياسية الحالية في البحرين. كما أشار هذا البطل الى الخطط التي تحاك من أجل اخماد الثورة في البحرين. في هذا الجزء من الحوار نستعرض و اياكم  ذكريات هذا الثائر في سجون آل خليفة:

لقد كنت أمتنع دائما عن الحديث حول ذكريات المعتقل خوفا من تلويث مسيرة الجهاد بالعجب و الرياء.

هجموا على البيت و أخذوني الى مبنى وزارة الداخلية, يوجد هناك جناح خاص بالمخابرات حيث كانت تتم أبشع أنواع التعذيب , و كثير هم الذين دخلوه أحياء و خرجوا منه جثثا هامدة. قسمونا الى قسمين: قادة الثورة و عامة الثوار, ثم اقتادوا القادة الى مبنى الجيش و البقية التي كنت منها الى جناح المخابرات كانوا يعذبون المعتقلين بأنواع العذاب , مثلا كانوا يجبروننا على الوقوف لساعات طويلة, كانوا يمنعوننا من النوم. لقد منعوني من النوم لمدة خمسة أيام. كانوا يضربوننا بالفلقة, و يعلقوننا ما بين السماء و الأرض لمدة أربع ساعات و يضربوننا طيلة تلك الفترة. بعد تلك الأربع ساعات من التعليق و الضرب يجبروننا على الوقوف و يمنعوننا من الاستراحة ثم يكررون نفس الأفعال. استمر مسلسل التعليق و الفلقة و الوقوف لمدة ثلاثة أيام. لقد حدثت خلال هذه الأيام الثلاث أشياء لا أستطيع توضيحها, لقد كانوا يجردونا من كل ملابسنا و يهددوننا بالاعتداء الجنسي. كانوا ينالون من مقدساتنا و يسبون أهل البيت*ع*. كنا ممنوعين من الصلاة بل و حتى من الذهاب الى المرحاض.

كانوا يريدون مني أن أعترف على الأستاذ عبد الوهاب حسين, عندما رأوا أن أساليب التعذيب السابقة لم تنفعهم معي هددوني بالصعق الكهربائي, في كل دقيقة كان العذاب يشتد أكثر فأكثر حتى وصل بنا المطاف الى الصعق الكهربائي. كانوا يقربون الأسلاك الكهربائية من أذني و يضعونها على بعضها البعض حتى تصدر صوتا يخيفني, في الحقيقة خفت من ذلك الصوت الرهيب حتى ارتعدت رجلاي. عرفوا أنني خائف ففرحت لذلك لأنها ستكون فرصة لتوقف العذاب, أخرجوني و تركوني لمدة ربع ساعة كي أفكر ربما أعترف بشيء ما.

أثناء ربع الساعة تلك كنت أقول لنفسي أنك كنت تتمنين الشهادة منذ الصبا فلماذا تخافين لما حان وقتها. فكرت قليلا ثم قلت في نفسي كثير هم أولئك الذين صعقوا بالكهرباء و لم يموتوا فصممت أن أثبت أمام هذا العذاب الصعب. أرجعوني و قالوا لي تكلم, أجبتهم أني قلت كل ما عندي, قالوا لي يبدو أنك تحب العذاب. غطوا عيني و قيدوا يدي. بدأ بصعق بدني بالكهرباء فصرت أرتعد بشدة. قال تتكلم أم لا ؟ قلت ليس عندي ما أقوله. صعق رأسي بالكهرباء و كرر نفس السؤال فأجبته بالجواب نفسه, فصار يصعق أماكن مختلفة من جسمي بالكهرباء.

سقطت على الأرض و بدأت أتخبط فجاء عدة أشخاص و أمسكوني حتى لا أتحرك و صاروا يصعقون بدني و رأسي بالكهرباء بشكل مستمر الى غاية مرور نصف ساعة. علقوني من قدمي الى السقف و مرة أخرى صاروا يصعقونني بالكهرباء, على الأقل عندما كنت على الأرض كنت أستطيع أن أتحرك قليلا لكن الآن وأنا معلق لا اقدر على فعل شيء.

ان الجسم بعد التعرض للضرب و الألم الشديد لفترة طويلة يفقد الاحساس, أفرغوا علي ماء باردا حتى أحس من جديد. واصلوا تعذيبي لمدة ساعة و نصف حتى بدأت أشعر بأنه سوف يغمى علي, كنت أتمنى حصول ذلك و صرت أضرب رأسي على الأرض حتى يغمى علي و لا أشعر بألم العذاب.

أدخلوني في حوض مليء بالماء البارد فأحسست أني سأفارق الدنيا بسبب ذلك, بعد ذلك سمعت صوتا يقول: لقد عاد, لم يمت, انه حي. و بدأوا يضربونني من جديد, اجبروني على الوقوف, و اعادوا تعذيبي بالتعليق و الضرب لمدة أربع ساعات و كذا الاجبار على الوقوف لمدة أربع ساعات أخرى. كان الجلادون يتناوبون على تعذيبنا كل ثمان ساعات, و حتما الجلاد الجديد سيكون في حالة نشاط و ضربه سيكون أقوى. احدى الذكريات الحزينة في السجن شهادة الأخ *عبد الكريم الفخراوي* في نفس ذلك السجن, لقد كان تاجرا بحرينيا ثريا يساعد الفقراء اتهموه بالعمالة لإيران فهو من أصول ايرانية من ضواحي مدينة شيراز.

عندما كنا نعذب كنا نسمع صوت تعذيب الآخرين و هذا في نفسه عذاب شديد. سكتت الأصوات و صرت أسمع صوت جر جثة على الأرض, لقد كان جسد الشهيد عبد الكريم فخراوي. كانوا يخاطبونه بالفارسية و يقولون له: قم , قم, لكن عبثا كان كلامهم ,جاؤوا بالماء البارد و أفرغوه على جسمه لكن بلا جدوى, كان ذلك حوالي الظهر تقريبا, بعد ذلك لم نسمع صوت تعذيب الى غاية المغرب.

في الليل جاء المحقق الذي كان أردنيا و قال لي: اليوم قتلنا واحدا و نستطيع أن نقتلك أنت و كل المعتقلين. استمر التعذيب ثم نقلونا الى سجن آخر.

عذبونا يوميا لمدة أربعة أشهر و نصف دونما محاكمة الى أن طلبت لجنة العفو الدولية زيارة سجون البحرين, تحسنت الأوضاع بعدها و أرسلونا الى المحكمة  لكن لم يستطيعوا اثبات شيء يديننا. لذا اتهموني زورا أني كنت أرسل أخبارا كاذبة الى قناة *العالم* فحكموا علي بالسجن لمدة ستة أشهر كنت قد قضيتها زائدة أسبوعين آخرين فأطلق سراحي.

ماذا نستطيع أن نفعل من أجل البحرين؟

يسألنا الشعب الايراني دائما ماذا نستطيع  أن نفعل من أجل البحرين؟ لقد غطى الاعلام العربي أحداث الثورة البحرينية لمدة أربعة أيام فقط, حيث صممت دول الخليج على مقاطعتنا اعلاميا و حذفت أخبار ثورتنا بالكامل من قناتي *الجزيرة* و *العربية*. القنوات الايرانية خاصة *العالم* و بعض القنوات العراقية فقط هي التي تساعدنا , لذلك واحد من أهم أشكال المساعدة هو الدعم الاعلامي من أجل ايصال صوت الشعب البحريني الى العالم. الدعاء هو شكل آخر من أشكال المساعدة فهو سلاح المؤمن.




المستعمل تعليقات