كتب الإمام رضوان الله عليه حول هذا: « إن العوام من أهل الديانات الأخرى لا يخطر على بالهم شيء يتعارض مع مذهبهم؛ بل إن لديهم «يقين» مثل عامة المسلمين بصحة مذهبهم وبطلان جميع المذاهب. إذاَ وكما لدى عوامنا «يقين» بصحة مذهبهم وبطلان بقية المذاهب الأخرى بسبب ما يملى لهم في أجواء الإسلام، فإن عوامهم أيضاَ معذورين في « تأكدهم من متابعة قطعهم» حجت الاسلام مهدي همازاده
- بعد كلام أمير المؤمنين(ع) في باب أحقية شيعته نهض الأشعث بن قيس وقال: إن كان الأمر كما تقول فإن جميع الامة قد هلكت إلا أنت و شيعتك. فقال أمير المؤمنين(ع): فالحق كما قلت معنا، ولم يهلك من الأمة غير النواصب والمعاندين. إذاً كل من تمسك بالتوحيد وأقرّ بنبوة الرسول و اتّبع دين الإسلام ولم يحمل حقداً و عداءاً لنا أهل البيت ومع هذه الحالة لم يعرف أهل الولاية والخلافة الإلهية فإنه من زمرة المسلمين المستضعفين حيث هناك أمل في أن تشمله رحمة الله و تخفف ذنوبه. (العلّامة المجلسي ، بحارالانوار، ج69، صص170و171)
- ففي أحاديث عديدة و معتبرة قال في تفسير آية «الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا»: يعني المستضعفين الذين ليس لديهم حيَل النصب (العداوة والبغض لأهل البيت) وليس لديهم القدرة على معرفة مسير أهل الحق ليدخلوا فيه. إنهم يدخلون الجنة بسبب أعمالهم الجيدة و تجنّبهم المحارم. (تفسير العياشي، ج1، ص268 / معاني الأخبار، ص201 / كتاب سليم، ص605 / بحار الأنوار، ج69، ص160)
- في حديث صحيح السند سأل زرارة الإمام الصادق (ع): ماهو مصير أولئك الذين يصلّون ويصومون و يتقون لكنهم لا يعرفون أمر الولاية وليس لديهم بغض وضغينة أيضاً؟ فقال: يدخلهم الله الجنّة برحمته.(أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، المحاسن، ج1،ص158( .
- جاء عن الإمام الصادق (ع) بسند صحيح: المستضعفون مجموعات مختلفة وكل شخص من أهل القبلة ليس ناصبي (ليس بديه بغض وكراهية لأهل البيت أو بناءاً على تفسير إحدى الروايات ليس لديه بغض لشيعة أهل البيت) فهو مستضعف. (الشيخ الصدوق، معاني الأخبار، ص200)
-نقل الإمام الصادق(ع) حديثاً معتبرا عن أمير المؤمنين(ع): للجنة ثمانية أبواب؛ واحد مختص بالأنبياء والصدّيقين، و واحد مختص بالشهداء والصالحين، خمسة أبواب لشيعتنا ومحبينا، وباب لبقية المسلمين الذين لا يوجد في قلوبهم ذرة بغض لنا نحن أهل البيت. (الشيخ الصدوق، الخصال، ج2، ص408)
من الناحية العقلية أيضاً فإن معظم العلماء والفقهاء الشيعة في أصول الفقه-حيث يتم البحث هناك عن حجية القطع (اليقين)- اليقين الذي بتم تحصيله من الطرق العقلانية ويعتبر منجّزاً و معذّراً. (الطرق العقلانية يعني الطرق المعتادة للعقلاء التي تختلف بحسب مورد اليقين. مثلاً حول العقائد الدينية فإن الطرق العقلانية لكسب اليقين هي المطالعة والمشورة و...)
يقول أستاذ المجتهدين الشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري قدّس سره حول هذا الأمر: لا يوجد إشكال في متابعة القطع واليقين مادام قد حصل. لأن اليقين بنفسه طريق إلى الواقع كما أنّ طريقيته غير قابلة للجعل توسط الشارع. (فرائدالأصول، نشر مجمع الفكر الإسلامي، ج1، ص29). هذا الكلام بمعنى أن حجية اليقين ذاتية وليس لها قابلية للجعل بواسطة أي مرجع- حتى الشارع المقدّس. النقطة الهامة هنا هي أنه مع عدم موافقة هذا اليقين للواقع الخارجي فإنه يبقى على حجيته أيضاً؛ وكما قال الشيخ الأعظم حتّى الشارع المقدس لا يستطيع النهي عن العمل بهذا اليقين؛ فكيف إذا لم يكن هناك أثر للتناقض. (المصدر السابق، ص31). على أي حال فإن حجية الدين نفسه تترتب أيضاً على حجية اليقين العقلي، فإذا لم يكن القطع واليقين حجّة فإنه لا يمكن إثبات أيّ دين. كل الدليل في «الحجّية الذاتية» يقين وسندرسه بشكل مفصل في مكانه.
كذلك كتب الإمام رضوان الله عليه حول هذا: « إن العوام من أهل الديانات الأخرى لا يخطر على بالهم شيء يتعارض مع مذهبهم؛ بل إن لديهم «يقين» مثل عامة المسلمين بصحة مذهبهم وبطلان جميع المذاهب. إذاَ وكما لدى عوامنا «يقين» بصحة مذهبهم وبطلان بقية المذاهب الأخرى بسبب ما يملى لهم في أجواء الإسلام، فإن عوامهم أيضاَ معذورين في « تأكدهم من متابعة قطعهم» وليسوا مذنبين ولا يمكن عقابهم بسبب هذه المتابعة. حتى أن غير العوام بسبب هذه الإلقاءات منذ بداية الطفولة وترعرعهم في أجواء الكفر فإنهم يقطعون بمذهبهم الباطل؛ بحيث أنه كلما وصل إليهم شيء مخالف يقومون برفضه. فالعالم اليهودي والمسيحي مثل العالم المسلم لا يعتبر أدلة الأخرين صحيحة كما أنه يعتبر بطلان تلك الأدلة بمثابة «الضروري» ولا يعطون أي احتمال لخلاف مذهبهم.
نعم إن المذنب بينهم هو من يعطي احتمالاً خلاف مذهبه ولا يبقوم من باب التعصّب بفحص أدلة الطرف المقابل...بالمختصر فإن الكفّار مثل العالم الإسلامي بعضهم قاصرون وهم الأكثرية و البعض مقصّرون. وكذلك فإن عقاب المسلمين في فروع الدين ليس معناه أنهم بأي حالة-سواء كانوا قاصرين أو مقصّرين- سيعاقبون، كما أن الكفّار لديهم نفس هذه الحالة بالضبط في الأصول والفروع.» (المكاسب المحرّمه، ج1، ص200).
كما شاهدنا فإنه لا يوجد فرق بين أتباع الأديان الأخرى والمذاهب الإسلامية الأخرى في هذه القضية كما أنّ حكم "المستضعفين الفكريين" يشمل جميع جوانبهم المختلفة. كما أنّ الدليل العقلي «حجيّة اليقين» يتحدث فقط عن "الحجّية" (بمعنى المعذورية عند الله) وليس عن المطابقة مع الواقع التي تكشف عن حقّانية جميع الأديان والمذاهب. فيما يخص حجية القطع التي تعتبر من الأسس الهامة لأصول فقهنا فقد بحث فيها علماء الشيعة الكبار من الشيخ الأنصاري والآخوند الخراساني حتى الميرزا النائيني والسيد ضياء العراقي والمحقق الأصفهاني إلى علماء الشيعة المعاصرين وهو ليس بالموضوع الغريب والشاذ؛ لكنه يبدو جديداً لأنه سُمع بشكل أقل في المجالس العامة وتمّ تناقله.
حتى الأستاذ الشهيد مطهري أعلى الله مقامه في كتاب العدل الإلهي وفي فضل «عمل خير من غير المسلم» وبعد آن يستوفي البحث يقول: «إذا كان لدى شخص صفة التسليم ولأسباب بقي الإسلام مكتوم عنه ولم يكن مقصّراً في ذلك فليس من أهل العذاب أبداً...برأي حكماء الإسلام مثل أبو علي والملا صدرا فإن معظم الناس الذين لا يعترفون بالحقيقة قاصرون وليسوا مقصرون. مثل هؤلاء الأشخاص ومع أنهم لا يعرفون الله إلّا أنهم لا يعذّبون- على الرغم من أنهم لن يذهبوا إلى الجنة- وإذا كانوا يعلافون الله و لديهم اعتقاد بالمعاد أيضاً وقاموا بعملهم خالصاً لوجه الله فسينالون ثواب أعمالهم.» (العدل الإلهي، ص318).
إذاً، ماداموا يعتقدون بصحة مذهبهم و بدون تعصّب و غفلة ومع احتمال حقّانية التشيّع مع ما مرّ معنا سابقاً فإنه يمكن الوصول إلى النتيجة التالية وهي أن الأخوة أهل السنّة بل وأتباع الأديان (مع كل هذا التبليغ الإعلامي المسيء للتشيع والبيئة الخاصة التي ترعرع كلّ منهم فيها يشمل معظم أتباع الأديان و المذاهب الأخرى) معذورين كما أنهم يثابون على فعل الخير و تجنّب الأفعال القبيحة. كما أنّ ثوراتهم ضد الحاكم الظالم و الرجعي هي ثورات مقدسة كما أن قتلاهم مأجورون عند الله. وإنّ كل ما قيل لا يتعارض مع الحقّانية الذاتية والواقعية للمذهب والعقيدة المحقّة-الشيعة الإثني عشرية أعلا الله كلمتهم-.
حسب اعتقاد الكاتب فإن البحث العقلي لحجية اليقين في أصول الفقه والبحث النقلي للمستضعفين الفكريين في الآيات والأحاديث هي من أهم الأسس الفكرية «للوحدة الإسلامية» حيث بإمكان الناشطين في هذا المجال أن يؤكدوا عليه ويضخّموه من أجل المنكرين و المشككين في الداخل ليكون في مقابل النهج الأحادي من الأحاديث والتراث المتعلق بالتعامل مع أهل السنة.