حمولة ...

القرضاوي صاحب نظرية «الطريق الوسط» و الذي كان يعرف في وقت من الأوقات على أنه حامل لواء الإعتدال في العالم الإسلامي ولهذا السبب كان يتعرض لهجوم بعض علماء الوهابية نراه الآن وبالرغم من محاولاته إظهار نفسه ملتزماً بمواقفه الفكرية السابقة إلا أن الحقيقة أنه لم يعد القرضاوي السابق.

 

!

القرضاوي؛ وحدوي يدعو لتفرقة!

 

 


 

*سعيد ساسانيان 

لماذ يقبّل اسماعيل هنية يد القرضاوي؟! هذا هو السؤال الذي يطرحه عادة الأشخاص الذين عرفوا القرضاوي من خلال الازمات الإقليمية وخاصة مواقفه تجاه سورية و البحرين. لكن حقيقة لماذا يقبّل هنيّة يد القرضاوي؟ ما الذي فعله القرضاوي من أجل فلسطين والمقاومة؟

 

الحقيقة أن مواقف القرضاوي السياسية ليست متجانسة. فمع بداية الأحداث في سورية و البحرين قام بإعادة نظر جدية في مواقفه لدرجة أنه تجاوز مباديء «طريقته الوسطية» أيضاً.

 

القرضاوي و فكر الإعتدال 
«فكرنا فكر وسطي؛ فكر يمتلك الخصائص التالية: الإعتدال بين الإفراط والتفريط في الدين، بين الفكر المتطرف و الإلحاد المفرط، بين التصوّف الداخلي و أعداء التصوّف، بين الإنفتاح و التساهل الشديد و الإنغلاق و التّشدد الكثير؛ بين معارضي ومؤيدي النص، بين مؤيدي السياسة و معارضي لسياسة؛ بين العولمة و الإقليمية.»1

أفكار القرضاوي تلك جعلت منه شخصية وحدوية لديه هواجس فلسطين و داعم للمقاومة الإسلامية كما كان يدعم بصراحة حزب الله اللبناني كما كان يؤمن بالديمقراطية. هذه هي الفكرة لتي كانت سائدة عنه والتي جعلت راشد الغنوشي يقول: «القرضاوي رائد الفقه الإسلامي (السني) المعاصر. فهو رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين والذي وصل بواسطته إلى مكانة رفيعة للغاية وأنا أعتبره من أساتذتي الكبار الذين لهم حق في عنق الربيع العربي كما أنه مازال يعتبر الداعم القوي بل الصوت المرتفع للثورات و هذا الرجل لا يسعى للحصول على القوة السياسية في البلاد أو في أي بلد آخر بل إنه يقوم بواجبه في سياق النصيحة الإسلامية و أداء الأمانة العلمية- التي وهبها الله له في إطار الحق و الوقوف في وجه الظلم أينما كان.» (2)

لكن يبدو أن معادن الناس يجب أن تقاس في عزّ الأزمات و هذا الأمر حصل مع القرضاوي أيضاً. مع انطلاق الثورات العربية و الدخول السريع لخطاب القرضاوي السياسي فيها بدأت استدارته هو أيضاً؛ استدارات جعلت منه قرضاوياً آخر

القرضاوي و رسالة إلى هاشمي رفسنجاني
«وصلنا إلى داعش بشتم صحابة الرسول» هذا ما قاله آية الله هاشمي رفسنجاني في العام الماضي. (3) فقد كان يريد أن بعض الشيعة المتطرفين قد هيّأوا الأرضية الفكرية و الإجتماعية لتشكّل الفكر الداعشي. بالطبع لاقى رأيه هذا ردة فعل سريعة من يوسف القرضاوي ليتضح تغيير نظرته للشيعة في الأزمات الإقليمية لتي بلغت أوجها. في البداية عتبر أن كلام هاشمي عبارة عن «مفاجئة» كما قام بشكره على تلك العبارات إلا أن القسم الأكبر من الرسالة كان هجوماً على إيران.  

قام القرضاوي بتكرار التهم الطائفية الموجهة إلى إيران و من بينها إضعاف أهل السنة في العراق، مقاتلتهم في سورية، محاولة نشر المذهب الشيعي في البلاد والمجتمعات السنية و...كتب: « وأرسلنا وفوداً من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وشاركنا في مؤتمرات وندوات وجلسات للتقريب بين الفرق الإسلامية، وانتظرنا أن نرى من إخواننا في إيران أفعالاً على الأرض، تؤكد صدق توجههم للتقريب فعلاً لا قولاً، فلم نجد إلا كلمات المجاملة في مؤتمرات التقريب.»(4) إن مزاعمه تلك ليست معتبرة كثيراً. فإضافة إلى عدم اهتمامه بالخطاب الرسمي الإيراني القائم على نشر الوحدة الإسلامية بين الفرق الإسلامية (بالرغم من وجود العيوب والنواقص) فإنه لم يمتلك في الإتحاد الذي يشرف عليه نهجاً وحدوياً. فالإتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد تأسس تحت شعار وحدة المسلمين و الحوار والتقريب بين الفرق الإسلامية و بالطبع التعاون مع كافة حكومات المسلمين، ففي المؤتمر لتأسيسي و افتتاح الإتحاد في لندن قام بتخصيص مقعد واحد فقط من أصل 15 مقعد لهيئة أمنائه لعلماء الشيعة حيث تم تسجيله في البداية باسم آية الله تسخيري ثم باسم آية الله واعظ زاده الخراساني من إيران لكن عملياً فإن آراء علماء الشيعة يتم حذفها من مركز اتخاذ القررات في ذلك الإتحاد دون أي توضيحات. (5) فالقرضاوي الذي كان يعتبر نفسه وحدوياً قام مرات و مرات بمهاجمة الشيعة. على سبيل المثال في أغسطس من عام 2008 وفي حديث له مع جريدة مصرية اعتبر أن الشيعة أصحاب بدعة كما اتّهمهم بنشر التشيع بين أهل السنة. لكن يجب أن نعتبر أن أوج تصريحاته المناهضة للشيعة كانت مع حدوث ثورة البحرين.

القرضاوي و البحرين

إن واحدة من أعنف تصريحات القرضاوي ضد الشيعة يجب أن نعتبرها في صلاة الجمعة 19 مارس 2011 في العاصمة القطرية الدوحة. فقد قال في ذلك اليوم: :«سؤال سئلت عنه من أكثر من شخص ومن أكثر من جهة ومن أكثر من فرد، يقولون لي تحدثت عن الثورة التونسية، وتحدثت عن الثورة المصرية، وتحدثت عن الثورة الليبية، وتحدثت عن الثورة اليمنية، ولكنك لم تتحدث عن ثورة واحدة؟! قلت: ما هي؟ قالوا: ثورة البحرين، لماذا لم تتحدث عن ثورة البحرين؟! قلت لهم: دعوني أجبكم بصراحة، إن ثورة البحرين ثورة غير هذه الثورات لأنها ثورة طائفية. الثورات الأربع الاخرى هي ثورات شعوب ضد حكامهم الظالمين  الثورة البحرينية ثورة طائفية ، أن مشكلة ما حدث في البحرين أنه حدث من الشيعة ضد السنة»(6) بينما نراه يصرّ على أنه شخص غير متعصب وفي النهاية يقول: «الشيعة لم يكونوا سلميين كما كنت أظن،بل اعتدوا على كثير من أهل السنة واستولوا على مساجد ليست لهم،استعملوا الأسلحة كما يفعل البلطجيون في اليمن وفي مصر وغيرها ضد كثير من المستضعفين من أهل السنة!»

 

القرضاوي و حزب الله

إن إلقاء نظرة على مواقف القرضاوي تجاه حزب الله مع مرور الوقت يظهر لنا بشكل جيد أنه كان يقطع مساراً تنازلياً. ففي الوقت الذي كان يعتبر فيه القرضاوي حزب الله نموذجاً للجهاد أصبح يطلق على تلك لحركة بعد وقوع الازمة السورية حزب الشيطان.  

صرّح القرضاوي في وسط حرب 33 يوم الإسرائيلية ضد لبنان في حوار مع  جريدة الوفد المصرية بأن المقاومة أشرف قوة في الامة الإسلامية كما أن الشيعة جزء من الأمة الإسلامية ويجب على جميع المسلمين أن يساندوا تلك المقاومة ضد العدو الصهيوني.(7) في نهاية شهر آب من عام 2006 أي بعد عدة أيام على نهاية تلك الحرب اعتبر القرضاوي في جمع من أعضاء الهيئة العلمية لجامعة القاهرة أن حزب الله هو نموذج للجهاد و قال: «إن الأمة الإسلامية في كل مكان في العراق و مصر و الأردن و اليمن و بقية الدول الإسلامية تحتاج إلى أشخاص مثل عناصر حزب الله.»(8)  بعد شهر واحد انتشرت مواضيع معادية للشيعة و معادية لحزب الله اللبناني وبالطبع منسوبة للقرضاوي في وسائل الإعلام العربية. لاقت تلك المواضيع معارضة شديدة كما تم تكذيبها بسرعة من قبل الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة القرضاوي. جاء في ذلك البيان: «يعتبر العلامة القرضاوي أن التشيع هو مذهب معتبر كما أن الشيعة هم جزء لا ينفك من الأمة الاسلامية كما أنه يثني على شخصية السيد حسن نصرالله ويقف بمنتهى الفخر إلى جانب المقاومة الإسلامية المشروعة في لبنان و فلسطين.»(9)
 

 

 


اعتبر يوسف القرضاوي في قناة العربية حزب الله على أنه حزب الشيطان


لينك دانلود(تحميل الرابط)

بدأت مواقف القرضاوي بالتدريج تتحرك نحو معاداة الشيعة و في هذا السياق أصبح حزب الله في معرض هجومه أيضاً. لقد كانت الأزمة السورية هي أوج مواقف القرضاوي تلك. فقد قال مع دخول حزب الله إلى سورية في ربيع عام 2013: «حزب الله الحقيقي لا يساعد الظالمين أبداً لكن هذا الحزب الموجود في لبنان هو حزب الشيطان لأنه يساعد حكومة الديكتاتور الظالم في سورية. لو كان هذا الحزب يدعم الشعب السوري الذي هو شعب على حق في مواجهة الحكومة الظالمة لكان حزب حق و لكان يدعى حزب الله لكنه الآن و هو يدعم ديكتاتور سورية حزب الشيطان.»(10).

 

القرضاوي و سورية

 

ب

 

مع بداية الأزمة السورية ظهر القرضاوي بمنزلة قائد روحي لقسم كبير من الإسلاميين ليقوم بالإسراع في عملية إسقاط بشار الأسد. لم يكن يستنكف عن القيام بأي شيء في هذا المجال. في الأشهر  الاولى للأزمة السورية قام 107 عالم من أهل السنة بإدارة القرضاوي و اتحاد علماء المسلمين بنشر فتوى في وجوب دعم المجموعات المسلحة المعارضة في سورية. كما قام القرضاوي في خطبة له بمهاجمة بشار الأسد و أصدر فتوى الجهاد ضد الأسد: «إن الأشخاص الذين يدعمون بشار الأسد ستحل عليهم لعنة الله و غضبه كما أن الله سينتقم منهم كما أنني أدعو المسلمين جميعاً في كافة أنحاء العالم أن يذهبوا إلى هناك إذا كان باستطاعتهم للدفاع عن أخوانهم و إذا كان باستطاعتهم الحرب فليحاربوا هناك.»

 

القرضاوي والعراق


كان من الطبيعي أن لا يكون القرضاوي موافقاٌ علي الهجوم الأمريكي علي العراق في عام 2003. علي سبيل المثال هو في عام 2006 عندما اعتبر حزب الله نموذجاً للجهاد فقد ذكر العراق علي أنه إحدي الدول التي تحتاج إلي امتلاك مثل ذلك التنظيم. لقد كان في الواقع يؤكد علي محاربة المحتلين في العراق. لكن ليس هذا معناه أن القرضاوي كان لديه نظرة إيجابية حول وصول الشيعة إلي السلطة في العراق. ففي مايو من عام 2013 و في نفس الخطبة التي وصف فيها حزب الله بحزب الشيطان تحدث القرضاوي حول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي فقال: «لقد ابتلا العراق برجل لا يليق بالحكومة لكنه وصل إلي الحكومة بشكل لا إرادي. الناس تكرهه كثيراً و تلعنه. لقد حكم علي أهل السنة بالإعدام. لقد قام بتفتيت العراق و تقسيمها. لقد فصل السنة و الشيعة و الأكراد والعرب عن بعضهم في العراق لكنه في النهاية سينهزم لأنه يعتبر ديكتاتوراً في الأرض كما أن الله قد وعد بهزيمة الديكتاتوريين...  إننا نحذر المالكي والأشخاص الذين يدعمونه و نقول لهم إن هذا خطأ كبير لأنكم في الحقيقة تحاربون الأمة الإسلامية الذي يشكل أهل السنة 90 بالمائة منها و لن يبقوا صامتين إلي الأبد.»(12)

   عندما قامت داعش بمهاجمة الموصل في حزيران من عام 2014 استطاعت احتلال تلك المدينة والمنطقة بسرعة عندها تحدث القرضاوي عن ثورة شعبية. في البيان الذي صدر بعد عدة أيام من تلك الحملة عن الإتحاد العالمي للمسلمين اعتبر أن سيطرة داعش علي عدد من المناطق في العراق هو «ثورة شعبية». جاء في ذلك البيان المذيل بتوقيع يوسف القرضاوي: «إن الإنهيار الكامل للقوات العسكرية و الأمنية و الشرطة في العراق لم يأت من عبث و يمكن أن نعتبر أن السبب الوحيد لذلك هو الثورة الشعبية.»(13) و بالطبع بعد أن أعلن زعيم داعش أبو بكر البغدادي عن الخلافة قال القرضاوي: «إن إعلان إقامة الخلافة من قبل تنظيم داعش باطل من الناحية الشرعية و هو بضرر الإسلام.»(14)

القرضاوي و مصر

بعد تونس كانت مصر ثاني وجهة للثورات العربية و هذه كانت فرصة استثنائية للقرضاوي ذو الأصول المصرية. لقد سافر إلي مصر بعد انتصار ثورة الشعب المصري في ينير و خطب هناك. كان القرضاوي و مازال موضع احترام الأخوان المسلمين في مصر.       لقد كان تفسيره للثورات التي وقعت تفسيراً إسلامياً. لقد اعتبر في سبتمبر من عام 2011 أن لقاءه بمجموعة من الشباب أن ثورات المنطقة طبيعية و قد قامت بناءاٌ علي السنة الإلهية وقال: «إن لقب (الصحوة الإسلامية) كافي لهذه الأحداث و التطورات التي تحدث ومن كان يظن أن مثل هذه الأحداث قد تحصل. فبعد أن حكم الليبراليون و العلمانيون فقد حان الوقت ليلعب الإسلاميون دوراً و يجب علي الإسلاميين أن يعرفوا كيف يمسكون ثانية بقيادة العالم.»(15) بهذه النظرة التي امتلكها القرضاوي حظي بدعم كامل من قبل الرئيس المصري الأخواني محمد مرسي. في 30 يونيو عندما قامت مجموعة من الشعب المصري بالتجمع ضد محمد مرسي وصل القرضاوي سريعاً إلي القاهرة ليخطب في أنصار محمد مرسي. بغض النظر عن مواقفه المتشددة تجاه سورية و بشار الأسد فإن ما قاله في ذلك اليوم كان منطقياً للغاية. فقد قال القرضاوي أنه كيف للشعب المصري الذي تحمل 60 عام حكومة العسكر حيث 30 عام منها متعلقة بحكومة حسني مبارك لكنه لا يستطيع اليوم أن يتحمل ثلاث سنوات متبقية من رئاسة مرسي؟

                                           

 

 

وأخيراً حصل الإنقلاب علي مرسي. بعد عدة أيام علي عزل مرسي أفادت جريدة الخليج الإماراتية عن فتوي القرضاوي من أجل دعم مرسي و خروج الجيش من الساحة السياسية. هذه الفتوي كانت سلمية لكن لم يمض وقت طويل حتي فاحت منها رائحة الدم. فبعد عدة أيام و في برنامج «الحياة و الشريعة» علي قناة الجزيرة قال القرضاوي أن إراقة دماء المتسببين بالإنقلاب ضد مرسي جائز. لكن فتواه الأساسية لم تصدر حتي الأن. كتب موقع الوطن المصري في 27 يوليو 2013 أن القرضاوي قد نشر مقطع فيديو في وسائل الإعلام طالباٌ من الجامعة العربية، منظمة التعاون الإسلامي، الإتحاد الأفريقي، منظمة الأمم المتحدة و مجلس الأمن ليتدخلوا في الشأن الداخلي المصري وأن يدعموا أنصار مرسي. لكن الوطن تابعت و كتبت: «لقد طلب القرضاوي من المسلمين في كافة أنحاء العالم و من بينها أندونيسيا، السنغال، ماليزيا، نيجيريا، باكستان، الهند، الصومال، ليبيا، تونس، سورية، لبنان، فلسطين، الأردن و حتي إيران لكي يسافروا إلي مصر و يدعموا جماعة الأخوان المسلمين و يستشهدوا في مصر.»(16) دعوة القرضاوي تلك أثارت موجة احتجاج في صفوف معارضي مرسي. كما عقد الأزهر اجتماعاً طارئاً من أجل التعامل مع موقف القرضاوي هذا. كما استمرت مواقفه الإحتجاجية كما كانت من الرئيس المصري السيسي.

 

القرضاوي و فلسطين

 

لماذا قام هنية بتقبيل يد القرضاوي؟ إن الإجابة علي هذا السؤال تحتاج إلي فهم دقيق لموقف القرضاوي من القضية الفلسطينية.


 

كان القرضاوي حتي ما قبل الأزمة السورية يتخذ مواقف جيدة تجاه فلسطين و بشكل كلي تجاه المقاومة الاسلامية في المنطقة. فالعداء لإسرائيل كان قضية محورية في مواقفه لدرجة أنه في حرب 33 يوم عام 2006 و مع وجود بعض الإنتقادات لديه ضد الشيعة فقد قام بدعم حاسم لحزب الله اللبناني لأنه كان يقاوم اسرائيل. لقد أكد مرات و مرات علي ضرورة دعم فلسطين و تقديم المساعدات الإغاثية لها و كذلك إدانة جرائم الإحتلال الإسرائيلي. مع اندلاع الأزمة السورية التي تسببت بتشدد مواقف القرضاوي عاد ثانية ليدعم فلسطين و حماس أيضاً. علي سبيل المثال و أثناء سفره إلي غزة في عام 2013 أكد أنه لا يحق لأحد أن يتغاضي و لو عن جزء بسيط من الأراضي الفلسطينية.(17) مثل هذه المواقف تختلف كلياً عن مواقف السلطة الفلسطينية و مبادرة الجامعة العربية (مبادرة فهد) من أجل إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.

لكن هذا وجه واحد للعملة. يمكن رؤية مواقف القرضاوي بخصوص فلسطين بطريقة أخري أيضاً. فالقرضاوي حتي الأن لم يصدر أية فتوي محددة من أجل الجهاد ضد اسرائيل لكن من أجل إسقاط نظام بشار الأسد في سورية لم يصدر القرضاوي فتوي واحدة بل قام بتعبئة مجموعة من العلماء أيضاً ليقوموا بشكل جماعي بهذا العمل. حتي أن هناك آخبار انتشرت تقول أن القرضاوي قد طلب من المسلمين و بدل أن يفتحوا أبواب الجهاد ضد اسرائيل أن يلتحقوا بالجهاد ضد بشار الأسد!(18) علي الرغم من أن هناك شكوك كثيرة حول صحة هذا الخبر إلا أن هذا النهج علي أرض الميدان قد تم تطبيقه من قبل القرضاوي.

مع ذلك فإن القرضاوي مازال حساساً بالنسبة للقضية الفلسطينية. فقد قال حول انتهاكات اسرائيل للمسجد الأقصي و التي بلغت أوجها في شهر سبتمبر من هذا العام حيث قال: «كل شخص يستطيع عليه أن يواجه في هذه المرحلة الصهاينة و يحاربهم. هذه المواجهة يجب أن تتم سواء كانت مالية أو معنوية كما أن تحرير هذه الأرض الإسلامية من هذه الجرثومة هو واجب ديني و وطني.»(19)

 


هذا القرضاوي ليس ذلك القرضاوي!

القرضاوي صاحب نظرية «الطريق الوسط» و الذي كان يعرف في وقت من الأوقات على أنه حامل لواء الإعتدال في العالم الإسلامي ولهذا السبب كان يتعرض لهجوم بعض علماء الوهابية نراه الآن وبالرغم من محاولاته إظهار نفسه ملتزماً بمواقفه الفكرية السابقة إلا أن الحقيقة أنه لم يعد القرضاوي السابق.

هذا ما أشار إليه آية الله الأراكي الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية بعد الخطبة شديدة اللهجة التي ألقاها القرضاوي حول بشار الأسد و نوري المالكي و حزب الله و التشيع في عام 2013. كتب مخاطباً لقرضاوي: «إن مواقفك الأخيرة بعيدة جداً عن مواقفك النورانية السابقة التي كنا نأمل أن تستمر كما كانت و أن تلعب دوراٌ في حل الأزمات الدينية و الوحدة بين المسلمين؛ مواقف كان يمكن استخدامها في مواجهة العدو الأكبر لجميع المسلمين يعني الكيان الصهيوني الذي يزيد يوماٌ بعد يوم من طغيانه و عدوانه علي الأراضي الفلسطينية.»(20)



 


المصادر:

1. البحراني٬ مرتضي(2005) «الإسلام و الديمقراطية في الفكر السياسي يوسف القرضاوي» مجلة أبحاث العلوم السياسية. العدد1. صص 150-131.

2. http://www.farsnews.com/printable.php?nn=13901027000183

3. http://www.irna.ir/fa/News/81379684/

4. http://www.alquds.co.uk/?p=250910

5. http://www.farsnews.com/printable.php?nn=13901202000337

6. http://www.entekhab.ir/fa/news/22412

7. https://rasekhoon.net/article/show/140438

8. http://www.farsnews.com/printable.php?nn=8505250612

9. http://www.farsnews.com/newstext.php?nn=8506200253

10. http://www.irdiplomacy.ir/fa/page/1915768

11. http://www.mashreghnews.ir/fa/news/239511

12. http://isna.ir/fa/news/92021409319

13. http://www.irdiplomacy.ir/fa/page/1934364

14. http://www.mehrnews.com/news/2325627

15. http://farsnews.com/printable.php?nn=13900616001165

16. http://www.elwatannews.com/news/details/233442

17. http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=09052013&id=d721bb59-628a-4447-82b6-76f401108b5c

18. http://isna.ir/fa/print/93051808428

19. http://www.farsnews.com/newstext.php?nn=13940629000578

20. http://www.farsnews.com/newstext.php?nn=13920225000793

 

 




المستعمل تعليقات