أنا السيد عبدالرحيم التهامي من دولة المغرب. باحث و خبير في الشؤون الإسلامية وكذلك أعمل في المجال الإعلامي. حاصل علي شهادة في علم الإجتماع من جامعة محمد الخامس في مدينة الرباط. في نهاية الثمانينات قمت بتدريس مادة الفلسفة ثم التحقت بحوزة قم العلمية والآن أنا أدرس في مرحلة درس الخارج كما أنني أقوم بنشاطات اجتماعية و ثقافية و إسلامية. في فترة انطلاق الثورة كنت في مدينة الرباط يعني في العاصمة أدرس في المرحلة الإعدادية.
حوار: حسين كاظمي
في البداية نرجو أن تتفضل وتعرّفنا علي نفسك؟
أنا السيد عبدالرحيم التهامي من دولة المغرب. باحث و خبير في الشؤون الإسلامية وكذلك أعمل في المجال الإعلامي. حاصل علي شهادة في علم الإجتماع من جامعة محمد الخامس في مدينة الرباط. في نهاية الثمانينات قمت بتدريس مادة الفلسفة ثم التحقت بحوزة قم العلمية والآن أنا أدرس في مرحلة درس الخارج كما أنني أقوم بنشاطات اجتماعية و ثقافية و إسلامية. في فترة انطلاق الثورة كنت في مدينة الرباط يعني في العاصمة أدرس في المرحلة الإعدادية. أتذكر أنه قبل فترة قصيرة من انتصار الثورة كان هناك في المغرب حضور وحركات طلابية لأن نظام المغرب قد رحّب بشاه إيران. بعد هروب الشاه من إيران حصلت احتجاجات طلابية واسعة بسبب تلك الإستضافة كما انطلقت مظاهرات عديدة. تلك المظاهرات كانت تعتبر أول تحرّك سياسي لنا. نحن بفهمنا و إدراكنا البسيط في تلك المرحلة كنا نعتقد أن هذا الرجل لا يستحق شرف الإستقبال و كرم الضيافة لأنه ديكتاتور. بالطبع كان مفهوم الديكتاتور مفهوماً شائعاً في تلك الأيام.
منذ متي تعرّفت سماحتك علي الثورة و عن أي طريق كانت تصل إليك أحداث الثورة الإسلامية؟
عندما قامت الثورة الاسلامية كانت حدثاً قوياً له أصداء كبيرة. يجب أن نقول أن وسائل الإعلام لم تكن قوية و كثيرة في ذلك الوقت كما هي الآن. في الحقيقة إن وسائل الإعلام اليوم هي شيء متطور ولكن في تلك الفترة الزمنية وبما أنني كنت في حركة الشباب التلاميذ كانت تلك الأحداث مهمة بالنسبة لي، سواء كان في الأخبار موضوع ما أم عن طريق الإذاعة أو بعض المجلات
كان هناك كلام و حديث عن تحركات و حركة ثورية في إيران والنقطة المثيرة للإهتمام في هذا التحرك هو أنه كان ييتّسع كما أن هذه الحركة قد حدثت في بلد كان حليفاً لأمريكا و اسرائيل كما كانت ثورة شعب يتّهم النظام بالديكتاتورية. كان لدينا في المغرب عن طريق القوي والأحزاب السياسية الناشطة في ذلك الوقت مواجهات شديدة مع نظام المغرب. كان وصف النظام المغربي بالنظام الديكتاتوري أمراً شائعاً كما كان هناك حالة سياسية و فهم سياسي موجود بين تلاميذ و طلاب المغرب. كنا حركة سياسية معارضة للنظام. لقد تأثرنا بالثورة التي وقعت في إيران نظراً إلي أنها كانت تدعم مشاريع التغيير و الحركات الوطنية و العامة في المغرب.
كنتم تتابعون الثورة عن طريق القنوات المحلية أم الأجنبية؟
لا فنحن فيما يخص التلفزيون لم يكن لدينا تغطية لقناة عادية محايدة نوعاً ما بالنسبة للأحداث والتطورات المعاصرة. لكن كان لدينا مصدر أساسي هو إذاعة لندن يعني بي بي سي العربية. كذلك الإذاعة الفرنسية.
كيف اختلف وضع الإسلام والمسلمين في بلدكم المغرب قبل و بعد الثورة؟ و هل اختلفت عقائد و التزامات الناس بالإسلام قبل و بعد الثورة؟
إن النقطة التي أشرت لها هنا هي نقطة أساسية بهذا المعني وهو أننا وصلنا إلي مرحلة أصبح هناك شك بقدرة الإسلام كما كانت الشكوك قد بدأت تحوم بأن لا يستطيع الإسلام لا سمح الله أن يقدّم مشروعاً بديلاً و أن لا يستطيع إنتاج أطروحة و خطاب اجتماعي، سياسي وإقتصادي.
المرحلة الأخيرة من فترة السبعينات شهدت قوة الأحزاب اليساريه يعني الأحزاب والحركات الماركسية. كانت سيطرة هذه التيارات كبيرة علي قيادة و توجيه الطلاب إلي الفكر الإشتراكي والأحزاب الشيوعية بشكل واسع. في هذه الفترة من الزمن أصاب نوع من الخمول و الضعف أهم الحركات الإسلامية مثل حركة الأخوان المسلمين. برأيي فإن الأخوان المسلمين في هذه الفترة قد عانوا من العجز وعدم القدرة علي التجديد والإنبعاث. إن الشيء الذي يظهر لنا ضعف الأخوان المسلمين هو الخلافات والتقسيمات التي وقعت في المجموعات و المنظمات التي تشكلت باسم الجهاد والجماعة الإسلامية في مصر في فترة السبعينات و الثمانينات.
من جهة كان العبور من فكر وخطاب الأخوان المسلمين الذي كان خطاباً محافظاً و تقليدياً لا يقبل التغيير ومن جهة كانت جواباً علي تشدد وعنف و قمع النظام الحاكم في مصر. إذاً نعم صحيح إن انتصار الثورة الإسلامية في إيران و بالقيادة الإسلامية قد عطّل المسلّمات والفرضيات و أضعف القوي اليسارية.
أقول بشكل مختصر أن الثورة الإسلامية في إيران قد غيّرت المفاهيم و أعادت الإسلام ثانية وكانت دليلاً واضحاً علي قدرة الإسلام في قيادة حركة شعبية و ثورية وتجربة بناء دولة علي أساس الإسلام.
كيف كان رد الناس علي الثورة؟ هل كان لدي الناس والخاصة أمل ببقاء الإسلام؟ وهل كان لديك أنت أمل في بقاء الثورة؟
لقد كانت الثورة حدثاً تاريخياً و حاسماً. حدثٌ كان له تأثيرات عالمية. حدث استراتيجي بدرجة وجودة عالية لا سابق له. حدث اهتمت به النخب السياسية و الثقافية. كما اهتمت المنظمات والمجموعات بهذه الحادثة. كانت الحكومات الإستكبارية و كذلك الشعوب توليها أهمية ؛خاصة الشعوب التي كان لديها أمل جيد بأن نظاماً سيأتي و يلتزم بأن النصر لن يكتمل من دون تحرير القدس. هذا مؤثر للغاية. أن تحدث ثورة بقيادة العلماء. بقيادة زعيم روحي و ديني، كأنه قادم من زمن الأنبياء. يقومون بإغلاق السفارة الإسرائيلية و يعطونها للفلسطينيين لتصبح أول سفارة للفلسطينيين. كان للفلسطينيين مكتب تمثيل لكن هذه كانت أول سفارة لهم في العالم كله. كان الناس يشاهدون نتائج تلك الثورة و خاصة أن الثوار كانوا يطلقون شعار لا شرقية ولا غربية، جمهورية إسلامية. كان ذلك حدثاً هاماً أدّي إلي أن تهتم به النخب و تجبر عامة الناس علي متابعة ومعرفة جوانب الثورة.
نحن لا ننسي أن الثورة الإسلامية قد حدثت بعد اتفاقية كامب ديفيد. اتفاقية كامب ديفيد التي كانت ضربة للضمير العربي والديني. جاءت تلك الثورة لتهب للشعوب سلسلة من الآمال الجديدة. نحن نعلم أنه منذ بداية الثورة وقبل الحرب كانت تلك الشبهة تتبادر إلي الأذهان و هي أنه صحيح أن الثورة يقودها العلماء لكنّ العلمانيين و الحزب الشيوعي والحزب المسمي بمجاهدي خلق هم الأساس و هم القوي الحاسمة حيث أن العلماء قد سرقوا هذه الثورة و هيمنوا علي ثورة الشعب.
بدأت هذه الشبهات إضافة إلي دور السعودية في المجال الديني، الشيعة- السنة و غير ذلك منذ بداية الثورة من أجل التصدي لتأثيرها و التواصل بين الشعوب و الثورة. يعني قاموا بإقحام الموضوع الشيعي السني وأعلنوا أن رجال الدين يهدفون إلي إقامة نظام استبدادي وهذا مخالف لأهداف و تطلعات القوي السياسية مثل الحزب الشيوعي والحركة الوطنية باسم مصدّق و مجموعة مجاهدي خلق. لقد أثرت تلك الشبهات والعمليات النفسية بالطبع علي تقارب الناس من الثورة الإسلامية و التأثر بها. علي الرغم من أن الناس كانوا يتابعون العمل ليروا إلي أين سيؤول.
كان الناس يتابعون الإنتخابات التي كانت تحدث في إيران بشكل حر و أن الجمهورية الإسلامية تم انتخابها بإرادة الناس و مرحلة بناء المؤسسات و الحكومة و مجلس الشوري الإسلامي و كتابة الدستور، نعم كانت الناس تتابع كل تلك المراحل.
القسم الثاني من الأسئلة كان حول الأحداث التي تلت الثورة و نريد أن نعلم كيف كانت ردة فعل الناس علي ذلك.
أول تلك الأحداث السيطرة علي وكر التجسس. كيف كانت ردة فعل الناس؟
هذا الحدث كان حدثاً محفّزاً و مثيراً للعالم بأسره. وهو أن تتجرأ ثورة قامت حديثاً باقتحام وكر التجسس ذلك و تفضح الأعمال التخريبية لنشاطات تلك السفارة و مؤامراتها ضد الشعب الإيراني بل مؤامراتها ضد شعوب المنطقة بأكملها. كان ذلك مترافقاً بشعور بالفخر و هو أن هناك ثورة معادية لأمريكا و نحن لا ننسي أنه في مرحلة انتصار الثورة الإسلامية عام 1978 و عقد الثمانينات كانت الشعوب تعارض أمريكا بسبب جرائمها التي ارتكبتها في فيتنام.
إذاً عندما قام الشباب بالسيطرة علي مركز التجسس في طهران كان هناك دافع و شعور بالفخر و كان ذلك دليل علي صدق الثورة في مواجهة الإستكبار و الإلتزام بمواجهة قوي الإستكبار في العالم. ليس سهلاً أن تقوم ثورة ولدت حديثاً بالسيطرة علي سفارة أمريكا و اقتياد ديبلوماسييها أو أولئك الجواسيس بأيدي و عيون مغلقة أمام أعين الجميع. لقد كان لذلك العمل تأثير كبير في تعميق إيمان الشعوب و النخب بحقيقة و صدق الثورة.
إغلاق السفارة الإسلامية و تسليمها للفلسطينيين، إخراج الخبراء و المستشارين الإسرائيليين والأمريكيين و من ثم سيطرة الشباب علي وكر التجسس في المنطقة، الإستفتاء الوطني من أجل تحديد طبيعة و نوع النظام، تشكيل الإدارات، كلها كانت إشارات علي أننا أمام ثورة قوية ستغير معادلات المنطقة و تقلب جميع المفاهيم و هذا ما حدث بالفعل.
بالطبع كان لاقتحام وكر التجسس آثار كبيرة علي خلق حالة من الإهتمام بإيران و إثبات صدق الثورة في مقارعة الإستكبار و أن هذه الثورة هي ثورة إسلامية كما أنها ردٌّ علي كرامتنا التي ذهبت بسبب الجرائم التي ارتكبتها أمريكا في المنطقة.
من الأعمال الهامة الأخري التي قام بها الإمام بعد الثورة موضوع حكم ارتداد و قتل سلمان رشدي. ماذا كانت ردة الفعل علي ذلك؟
عندما أصدر الإمام(ره) هذه الفتوي لاقت ترحيباً من قبل الناس. نعم فالنخب لديهم أرضية مسبقة. نحن في بداية الثورة لم نكن نتحدث لكننا نتحدث حول أواخر فترة الإمام. في تلك المرحلة بدأت تتشكل المواقف المعادية للثورة ، علي سبيل المثال أفهمت النخب الثورية نفسها أن النظام في إيران هو نظام ديني يقوم علي أساس ولاية الفقيه بسلطة مطلقة. لقد أوهموا أنفسهم من باب الوهم أن رجال الدين قد سرقوا الثورة. لذلك كان من الطبيعي أن يعارضوا أي شيء يصدره الإمام. كان هذا الشيء طبيعياً لأن حالة من الفرض المسبق و المواقف و التوجهات كانت موجودة لكن بالنسبة للشعوب لم يكن الأمر كذلك بل كان لديهم نوع من الشعور بالراحة و السكينة بأن هذا العمل هو أفضل جواب و ردّ شجاع بسبب أن هذا العمل لم يكن بدون انعكاسات و بدون تأثير ديبلوماسي علي إيران لأن الدول قد قامت بإخراج سفرائها من طهران. لذلك كان لفتوي الإمام ثمن باهظ لكن إيران و الإمام كانا يدركان و يفهمان أن الحكم الشرعي يجب أن ينفّذ علي الرغم من الصعوبات و الأثمان التي تتبع ذلك.
واحدة من الحوادث الأخري التي كانت مؤسفة للغاية هي أن الكثيرين من أعلام الثورة مثل الشهيد مطهري و الشهيد بهشتي و الشهيد مفتح قد تم اغتيالهم. ما هو التأثير الذي تركته تلك الإغتيالات علي شعبكم؟ و هل أصبح الناس يائسون من استمرار الثورة أم لا؟
من وجهة نظر النخب فإن ذلك كان صراعاً بين رجال الدين الذين سيطروا علي الحكومة. هكذا كانوا ينظرون إلي الأمر علي أنه صراع مجموعات مختلفة في داخل الثورة. لكن الشعوب يعني نحن الذين كنا نعرف الشهيد مطهري عن طريق كتبه المترجمة قد شعرنا بعمق الخسارة. كنا نشاهد رئيس الجمهورية المثالي رجائي يسير في السوق بين الناس، ذلك الرئيس المتواضع المميز الذي كنت تعتبره واحداً من الناس كان إنساناً حساساً و عطوفاً. كنا شباب في ذلك الوقت، لم نكن نعلم الكثير عن أحداث الثورة لكن أنت كإنسان لديك شعور بالعطف و شعور بالخسارة بأن يتم اغتيال رئيس جمهورية ليس له مثيل من حيث التواضع و الشجاعة و كان يركب الحافلة. إن لديك شعور بالنسبة لمدي الخسارة. الشعوب ليست حمقي وهي تعرف أن هناك مجموعات حاقدة تريد توجيه ضربة لهذه الثورة من خلال الإغتيال.
تفضل و أخبرنا هل تشكلت بعد الثورة الإسلامية أجهزة تابعة للثورة و هل قامت بحركة و دعاية من أجل التعريف بالثورة في بلادكم أم لا؟
نعم بالطبع ظهر في الحركة الإسلامية تيار متأثر بإيران حيث بدأ بإعادة النظر في الكثير من المفاهيم. هذه الحركة كانت متأثرة و متعلقة في مرحلة من المراحل بالأخوان المسلمين و بأدبيات الأخوان المسلمين و كتب السيد قطب و حسن البنا و المطيبي و العودة و سعيد الحوئي في سورية. في الوقت الذي انتصرت فيه الثورة في إيران حصل انفتاح و شُرّعت نافذة علي كتب الشهيد المطهري و الدكتور شريعتي و الشهيد الصدر عن طريق كتاب اقتصادنا و فلسفتنا.
بدأنا بقبول نظرية الثورة والصراع بين المستضعفين والمستكبرين. لم نكن نقل الإمبريالية بل كنا نقول الإستكبار. كذلك فإن اعتقادنا بالإسلام وقوة الإسلام قد أصبح قوياً بأن الثورة والتغيير يمكن أن يحدثا. لقد قدّمت إيران لنا درساً واضحاً و هو قدرة الإسلام علي إدارة الحياة.
لذلك تشكل تيار في الحركة الإسلامية حيث كان البعض يطلق عليها الحركة الإيرانية. فعلي سبيل المثال كان الطلاب في الجامعة يدافعون عن إيران و مواقفها في الحرب المفروضة.
إيران مؤشر و ممثل للعمق الإستراتيجي لحركات التحرر. هذا التيار، كان تياراً في داخل الحركة الاسلامية. نعم كان للتيارات مواقف مختلفة. تيارات متأثرة بإيران و السعودية و غيرها لكن ذلك التيار كان موجود و كان فعّالاً ليس فقط في النشاطات السياسية بل في المنظومة و النظام الفكري.
القسم الثالث من الأسئلة حول الحرب؟ هل كانت أخبار الحرب تصل إليكم م لا؟ و إذا كانت تصل فبأي شكل؟
الشعار الذي كان يرفعه صدّام كان شعار حرب القادسية. لقد استنتج أن هذا العنوان يدل علي الصراعات و الحروب بين المسلمين و الإيرانيين و كان يقول أنه في حربه مع إيران يدافع عن بوابة الشرق نحو العالم الإسلامي.
جميع الدول العربية كانت في جبهه و معسكر واحد ضد إيران. ثلاث دول هي سورية و الجزائر و ليبيا كانت خارج إجماع المنظمات العربية ضد إيران. الوسيلة الإعلامية التي كانت بين أيدينا بالطبع كانت صدّامية و كذلك المجلات التي كانت في المغرب مثل مجلظ الحوادث البيروتية و مجلة العربي و بعض المجلات التي نسيت أسماءها. مجلات كانت جميعها ضد إيران و كان تروّج لصدّام و كأنها مرتبطة إعلامياً بالمؤسسات الرسمية في العراق. لكن الخطأ الذي كان يؤخذ علي المسلمين هو أنهم كانوا يقولون أن هذه الحرب بين دولتين مسلمتين كما أن استمرارها و خسائر الحرب بين الطرفين كانت شيئاً لا يجيزه الإسلام.
يعني لم يكن هناك أية قناة موجودة تنقل الأخبار بشكل أفضل أو بصورة أخري؟
لا لم يكن، فقط من جهة نسبية كانت إذاعة البي بي سي القسم العربي. أنا شخصياً كنت أتابع الأخبار الأولية تي تحرير خرمشهر من إذاعة بي بي سي. في الوقت الذي كانت وسائل الاعلام العربية تقدّم معطيات خاطئة عما كان يحدث في خرمشهر كانت البي بي سي تتحدث عن هزيمة العراق و وقوع آلاف الجنود و القادة العراقيين في الأسر. و عندما كانت التكبيرات ترتفع في مسجد خرمشهر الكبير كانت البي بي سي تنقل أن الإيرانيين استطاعوا تحرير مدينة خرمشهر.
هل كان لتلك الدعايات تأثير علي الناس؟ لأن الإنحياز لصدام كان أكبر؟ هل استطاع أن يترك تأثيراً علي الناس و ينفّر الناس من النظام الإسلامي؟
هذا الموضوع غير ممكن دراسته من خلال رصد و دراسة التأثرات علي مستوي الناس. من جهة أخري فإن هذا التأثير و الفكر الذي لدينا عن العدو الإسرائيلي بينما هناك دولتان اسلاميتان تتحاربان، هذا شيء يدعو للأسف كما أن تديّن الناس لا يقبل ذلك. كان الناس يفهمون فرض الحرب و أن اعتداءاً وقع علي إيران لكن بعد تحرير آبادان و أن القوات الإيرانية هي التي بدأت بالهجوم علي جزر مجنون و الفاو. كانت جهة الحرب قد تغيرت و من هنا بالضبط تفير الموقف من أن الحرب يجب أن تتوقف و أن الخسارة بين المسلمين و إسرائيل في حالة توسع كما أنها تسيطر أكثر و تسيء للمقدسات.
المجموعات اليمينية كانت قليلة. الأحزاب اليسارية كانت في الغالب مع صدام و كانوا يرون أن مصلحتهم في توقف هذا النموذج الإسلامي و إضعافه و موقفهم السياسي هذا قد أدي إلي ارتباط هؤلاء اليساريون بصدام في حربه ضد إيران.
بعض الإسلاميين كانوا متأثرين برؤية و فكر السعودية و بالطبع كانوا مع صدام. البعض الآخر من الإسلاميين كانوا متأثرين بالجمهوريه الاسلاميه الإيرانية كما كانوا يدافعون في الساحات عن الثورة الإسلامية.
كان البعض يشكلون أنه لماذا ينبغي علي اليافعين و الأطفال المشاركة في الحرب و نحن الأخوة الطلاب كنا نقول أن هذه الحرب هي حرب شعبية و كل الشعب قد انتفض و هبّ للدفاع عن نفسه كما أن صدام الذط يتمتع بدعم العالم كله يريد أن يقضي علي الشعب، لذلك كل شخص كان يستطيع حمل السلاح كان يذهب إلي الجبهات بشكل تطوعي.