کذلک نهى رسول الإسلام-صلى الله علیه وآله وسلّم-المسلمین عن هذا العمل وأوضح السبب فی هذا النهی فقال: « لا تسبّوا فتکتسبوا العداوه بینهم » یعتبر الرسول(ص) أنّ السبّ حرام لأنّ نتیجته المؤکدة هی العداوة، بالطبع عندما تحصل العداوة بین قلوب المسلمین ویتم اعتبار السّاب شخصاً غیر منطقی وعقائده غیر منطقیة أیضاً فإن باب هدایة و دعوة بقیة المسلمین یصبح مغلقاً
.
علی بهادرزایی، طالب فی حوزة قم العلمیة
«السّب» حالة اجتماعیة شاذة حیث کانت شائعة منذ القدیم بین الأشخاص بمختلف عقائدهم، الإساءة للشخص المعارض، العقائد المخالفة وفی النهایة مقدسات المخالفین. للأسف فإن الکلام البذیء، السّب واستخدام الکلمات القبیحة قد تزایدت بشکل کبیر فی التعاملات بین المسلمین- الذین یعیشون إلى جانب بعضهم بعقائد مختلفة- وتلک الأمور لها جذور متفاوتة ومتشابکة فیما بینها أیضاً: العادات والأحداث التاریخیة المؤلمة- التی لا یمکن نسیانها ولا یجب نسیانها أیضاً-لتتم الإجابة بشکل غیر منطقی على انتقادات المعارضین أو حتى تشکیل و تعویم الهویة الظائفیة الوهمیة حیث أن المحافظة على حدودها مرتبط بالسّب والتعامل السلبی مع الآخرین.
إنّ تعامل القرآن الکریم وسیرة المعصومین –علیهم السلام- فی هذا المجال هو قدوة لا تنتهی لجمیع البشر وفی کافة العصور؛ فالقرآن الکریم یأمر بالقول السدید یعنی الکلام الصادق والصحیح «یا أیها الذین آمنوا إتقوا الله و قولوا قولاً سدیدا»(۱).
معنى هذا الکلام ینطبق على ما نحن فیه، یعنی لا ینبغی أن نتّخذ من معارضتنا لشخص ما ذریعة للظلم وأن یجعلنا ذلک الشخص نحید عن جادة الصواب فنظلم أو نعتدی « لا یجرمنّکم شنئان قوم علی ألّا تعدلوا » (۲). کذلک نهى رسول الإسلام-صلى الله علیه وآله وسلّم-المسلمین عن هذا العمل وأوضح السبب فی هذا النهی فقال: « لا تسبّوا فتکتسبوا العداوه بینهم » (۳)،
یعتبر الرسول(ص) أنّ السبّ حرام لأنّ نتیجته المؤکدة هی العداوة، بالطبع عندما تحصل العداوة بین قلوب المسلمین ویتم اعتبار السّاب شخصاً غیر منطقی وعقائده غیر منطقیة أیضاً فإن باب هدایة و دعوة بقیة المسلمین یصبح مغلقاً. کما أن الإساءة إلى مقدسات المخالفین یجری علیها نفس هذا الحکم مع اختلاف بسیط وهو أنّ البعض قد یتحمّلون السبّ على أنفسهم لکنهم یفقدون السیطرة على أنفسهم عند سبّ مقدساتهم وأقل ما یفعلونه هو المبادلة بالمثل « لاتَسُبُّوا الذینَ یَدعُونَ مِن دونِ اللهِ فَیَسُبُّوا اللهَ عدواً بغیرِ علمٍ»(۴)؛ إنّ لحظة تأمل کافیة لنتأکد أنّ أی عمل لنا-حتى لو کنا نعتبره واجب شرعی- بینما نتیجة ذلک هتک حرمة المعصومین- علیهم السلام- وَ سدّ باب نشر معارفهم محکوم بالخطأ.
ما الطریقة ؟
من البدیهی أنّه فی الدعوة والتبلیغ لمدرسة و مقولة ما فإن المواضیع الإیجابیة لها أولویة على المواضیع السلبیة إلا أن هذا الأمر لا ینفی المواضیع النقدیة فیما یخص المخالفین، بل من المقترح أن یکون هناک إطار لمثل هذه المواضیع؛ فی هذا الإطار یتم وصف الحالات (أفعال وعقائد المخالفین) فی المرحلة الأولى و تحلیلها وتعلیلها بشکل منطقی فی المرحلة الثانیة وعندها یکون النقد الواعی والمنصف أفضل سبیل لإتمام الحجة وإظهار خطأ الآخرین، کما أنّ سیرة أمیر المؤمنین فی حرب صفین هی خیر دلیل على ذلک، فقد قال لأصحابه الذین کانوا یسبّون جنود الشام: إنی إکره لکم أن تکونوا سبابین و لکنکم لو وصفتم أعمالهم و ذکرتم حالهم کان أصوب فی القول و أبلغ فی العذر و قلتم مکان سبّهم إیّاهم اللهم احقن دمائنا و دمائهم و أصلح ذات بیننا و بینهم و اهدهم من ضلالتهم حتی یعرف الحق من جهله و یرعوی عن الغی و العدوان من لهج به» (5)
المصادر:
۱ . سورة الأحزاب / ۷۰
2.سورة المائده / ۸
۳ . الکافی / ج۲ / ص ۳۶۰
۴ . سورة الأنعام / ۱۰۸
۵ . نهج البلاغه / الخطبة ۲۰۶