الإحسان إلى أهل السنة من جوانب نمط حیاة الشیعة
وتختم تلک الروایة الشریفة بدق ناقوس الخطر للشیعة وهو أن إذاعة أسرار أهل البیت و ردّ المخالفین بدل جذبهم لیس له عقاب وأذى دنیوی فقط ولیس خدمة للتشییع بل یسبب براءة أهل البیت علیهم السلام منهم وسیکون لهم عقاب آخروی أیضاً وتلک ستکون أسوأ نهایة.
علی بهادرزایی، طالب فی حوزة قم العلمیة
بحسب شهادة القرآن الکریم والأئمة المعصومین علیهم السلام فإن المسلمین لم یتُرکوا فی أیة فترة تاریخیة ولا فی أیّ حادث أو جانب من جوانب الحیاة بدون هدایة إلهیة؛ هدایة تنبع من الرحمة الإلهیة وبحسب النص القرآنی الکریم فإنّه فقط بشرط اتّباع تلک الرحمة الإلهیة یشمل النصر الإلهی المسلمین والمتمسکون بها فقط هم فی کنف الولایة الإلهیة، لأنه جاء فی الآیة مائة وعشرین من سورة البقرة المبارکة: :« إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذی جاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَکَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا نَصیر ». لا شک أنّ اتّباع تلک الهدایة یکون ذا اهمیة عندما یتم وضعه فی إطار الولایة الإلهیة، وبحکم العقل فإن نفس العمل بتلک الأوامر والهدایة هو امر ضروری وکذلک تحصیل مقدمات هذا الامر حیث کسب العلم ومعرفة تلک الأوامر هی من بین تلک المقدمات، یشیر الإمام الصادق علیه السلام فی حدیث شریف إلى وجوب تعلّم العلم بعنوان مقدمة للعمل ویقول: یقول الله تعالى یوم القیامة لجمیع عباده: یا عبدی! قل هل کنت فی الدنیا عالماً أما جاهلاً؟...فإذا قال جاهلاً یقول له لماذا لم تتعلم لتعمل بذلک؟ إنه یجیبه بتلک الحجة(ترجمة المیزان ج 7 ص 512).
نظراص لتلک الأهمیة والقیمة فإن الأوساط الروائیة الشیعیة على طول التاریخ کانت إضافة إلى تخصیص قسم من نشاطها و کتبها للمعارف، فإنها خصصت قسماً کبیراً أیضاً لمعرفة الأحکام الإلهیة.
إنّ کتاب «صفات الشیعة» للعالم الجلیل محمد بن علی بن بابویه المشهور بالشیخ الصدوق رحمة الله علیه یمکن اعتباره نتیجة للجهود بنفس الدافع السماوی من أجل رسم أسلوب الحیاة الإلهیة للشیعة. قام من خلال ثمانیة وثلاثین حدیث من هذا الکتاب القیّم بشرح خصوصیة الشیعة فی التعامل مع الناس الذین یحملون عقیدة مخالفة لعقیدتهم (آهل السنة) وینقل حدیثاً عن الإمام الصادق علیه السلام یخاطب فیها عبدالله بن سنان، حیث یقول الإمام(ع) فی تلک الروایة الشریفة:
« أوصیکم عباد الله بتقوى الله ولا تحملوا الناس على أکتافکم فتذلّوا، إنّا لله عزّ وجلّ یقول فی کتابه: ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْن﴾ ثم قال: عودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، واشهدوا ولهم علیهم، وصلّوا معهم فی مساجدهم، واقضوا حقوقهم».
إن الأمر بهذه الأمور الستة (یعنی عیادة مرضى أهل السنة، المشارکة فی تشییع جنائزهم، الشهادة فی المحاکم لهم أو علیهم، الصلاة فی مساجدهم، قضاء حقوقهم وعلى رأس ذلک الإحسان لهم بالید واللسان) بعد الأمر بتقوى الله یمکن اعتباره شرح لبعض مصادیق التقوى والهدایة الإلهیة فی التعامل مع المخالفین من قبل الإمام علیه السلام. النقطة الملفتة للإنتباه فی الحدیث اللهجة التحذیریة الملیئة بالنصح ولهذا السبب فإن نتیجة ترک تلک الامور عبارة عن: المذلة والأذى فی الدنیا. أما نتیجة القیام بذلک فیمکن أن نسمعها عن لسان القرآن الکریم حیث یقول: « ادفع بالتی هی أحسن فإذا الذی بینک و بینه عداوة کأنه ولی حمیم» فصلت34)
لکن للأسف فی عصر الإمام الصادق علیه السلام أیضاً مثل زماننا کأنّ مجموعة لم تکن تسعى وراء نشر معارف أهل البیت علیهم السلام والدعوة إلیهم بل إنّ هاجسهم الوحید هو الطعن بالمخالفین بالکلام والعمل. لذلک یتابع الإمام علیه السلام فی الروایة مبیناً أسفه من سلوکهم فیقول: «أیّ شیء أشدّ على قوم یزعمون أنّهم یأتمون بقوم ویأخذون بقولهم، فیأمرونهم وینهونهم، ولا یقبلون منهم، ویذیعون حدیثهم عند عدوّهم، فیأتی عدوّهم إلینا فیقولون لنا إنّ قوماً یقولون ویروون کذا وکذا فنقول نحن نتبرّأ ممن یقول هذا فتقع علیهم البراءة»
وتختم تلک الروایة الشریفة بدق ناقوس الخطر للشیعة وهو أن إذاعة أسرار أهل البیت و ردّ المخالفین بدل جذبهم لیس له عقاب وأذى دنیوی فقط ولیس خدمة للتشییع بل یسبب براءة أهل البیت علیهم السلام منهم وسیکون لهم عقاب آخروی أیضاً وتلک ستکون أسوأ نهایة.
