عندما أصبحنا في أجواء المواجهة مع الغرب و الإمبريالية لم نكن لوحدنا فقط من نتحدث بمثل هذا الكلام، بل اليساريون أيضاً كانوا ينادون بهذا أيضاً. كان تشي غيفارا وفيدل كاسترو أكثر ثورية واندفاع منا. عندما أصبحت النقطة المحورية لرسالتنا هي مواجهة الإمبريالية وقعنا في الأدب اليساري ولم يكن لدينا أي خطاب جديد. هذا الكلام ليس بالجديد، فما هو خطابنا الجديد للعالم؟
حجة الاسلام السيد علي الموسوي
ثلاث أركان أساسية للثورة
للدعوة ثلاثة أركان أساسية: موضوع الدعوة(الرسالة)، الداعي، المدعو. وأهم ركن هو موضوع الدعوة. السؤال هنا ماذا يجب أن تكون رسالتنا في الدعوة؟ في الحقيقة ما هو خطابنا الأساسي؟ فالكلام الجيد والأحاديث الصحيحة كثيرة. لكن أي منها يجب استخدامه الآن؟ الجواب على هذا السؤال يتعلق بجوابنا على هذا السؤال وهو أيّ تأثير نريد أن نتركه على الجمهور؟
الرسالة يجب أن تكون نقطة محورية. يعني لا ينبغي أن نعرض للجمهور رسائل متنوعة و كثيرة غير مرتبطة فيما بينها. جميع الرسائل يجب عرضها ضمن علاقة منطقية مع الرسالة الأساسية التي هي النقطة المحورية للرسالة. النقطة التالية هي عندما تعثر على نقطة محورية فعليك أن تتمكن من إثراءها. يعني ليس مجرد رسالة من خط واحد ويأتي في أسفل ذلك الخط رسالة تفصيلية.
كان باستطاعة سماحة الإمام القيام بالكثير من الأعمال. كان بإمكانه القيام بعمل يشبه العمل الذي تقوم به أكاديمية العلوم الإسلامية. كان باستطاعته التطرق إلى التحوّل الذي طرأ على الحوزة العلمية أو التطرق للكثير من القضايا الأخرى. لكنّ الإمام كان يركّز على نقطة واحدة: الشاه يجب أن يرحل. كان الإمام يضع هذا الأمر أساساً لنشاطاته وبقية القضايا الأخرى تُحل بشكل تلقائي بتبع هذه القضية.
ما هي النقطة المحورية لرسالتنا؟
ما هي نقطة رسالتنا المحورية لجمهورنا في العالم؟ ما هو خطاب الثورة الإسلامية للعالم؟
ذات يوم كانت مواجهة الشرق والغرب وخاصة الغرب هي النقطة المحورية لرسالة البعض من ثوارنا. عندما أصبحنا في أجواء المواجهة مع الغرب و الإمبريالية لم نكن لوحدنا فقط من نتحدث بمثل هذا الكلام، بل اليساريون أيضاً كانوا ينادون بهذا أيضاً.
كان تشي غيفارا وفيدل كاسترو أكثر ثورية واندفاع منا. عندما أصبحت النقطة المحورية لرسالتنا هي مواجهة الإمبريالية وقعنا في الأدب اليساري ولم يكن لدينا أي خطاب جديد. هذا الكلام ليس بالجديد، فما هو خطابنا الجديد للعالم؟
لنأتي إلى داخل العالم الإسلامي. ما هو خطابنا و رسالتنا للعالم الإسلامي. هل نستطيع مثلاً أن نقول ما هو خطابنا و رسالتنا للعالم الإسلامي هل نستطيع مثلاً أن نقول نضال ثوري على أساس مباديء الإسلام. نريد أن نعود إلى مباديء الإسلام الأساسية وتعاليم الرسول الأكرم(ص). أم أننا نريد تشكيل بنية حكومية على أساس الإسلام ونقوم بمحاربة الغرب.
سؤالي الأساسي هنا هل هذه الرسالة حقاً هي رسالتنا أم أن هناك عدة نسخ بديلة لتلك الرسالة؟ مثلاً هل الناس في مصر متعطشون جداً لهذا الكلام؟! السلفيون الجهاديون الآن يتحدثون بنفس هذا الخطاب. لسنا أول من يتحدث بهذا الكلام. فقد تحدثوا بهذا الكلام قبلنا في مصر نفسها أمثال السيد قطب . نحن في الأساس تعلمنا هذا الخطاب منهم. لذلك سأطرح سؤالي مرة أخرى. ما هو خطابنا الجديد للعالم الإسلامي؟ نحن الآن في أجواء لا نعرف فيها عمّا نتحدث!
إننا في عصر موت القيَم
إننا نعيش اليوم في الغرب في عصر موت القيّم والنزعة الفردية هي السائدة على حياة الناس بكل ما للكلمة من معنى. للأسف فإن هذا الموضوع منتشر في العالم الإسلامي أيضاً. لم يعد للشعارات اليسارية أي سحر.
وصل الناس الآن إلى مرحلة يرون فيها الفراغ والهراء بأم أعينهم. في السابق كانوا يصورون لهم آمالاً وأهدافاً وكان لديهم أمل في الوصول إلى تلك الأهداف، لكن اليوم تلاشت كل تلك الآمال. حتى الأمس كان اليساريون يروننا صغاراً! لكن الوضع الآن ليس كذلك. الآن يرى الجميع فقرهم العميق.
اشتراكيوا العالم محبطون حقاً. يجب أن تحتكّوا بهم لكي تفهموا هذا الموضوع. لقد رأوا أن من كانوا يطلقون شعار المواجهة عندما وصلوا إلى السلطة نسوا بمنتهى البساطة جميع تلك الشعارات وانهمكوا ببناء عالمهم الخاص.
ماذا كانت الرسالة الأساسية للثورة؟
وهذه كانت الرسالة الأساسية للثورة. الرسالة الأساسية للثورة ليست محاربة الإستكبار ولا حماية المستضعفين، ليست رحيل الشاه ولا ولاية الفقيه ولا الحكومة الإسلامية، بل كانت «ثورة الله». وإذا أخذنا هذه «الله» فإن كل شيء سيأخذ معنى على أثرها. فأساس القضية: التوحيد، التضحية، الإخلاص. العمل «لأجل الله». شعور مليء بالعواطف الروحية. هذا الشعور المليء بالعواطف الروحية يموج لدى الشيعة و ليس هناك حاجة لأخذه من مكان آخر. إنه ذلك الشيء الغير موجود في الغرب ولا حتى في العالم الإسلامي. فالثقة بالقدرة الإلهية والثقة بالوعد الإلهي الذي يمتلك القلوب هو النقطة المحورية لرسالة الثورة الإسلامية.
دعونا لا ننسى هذه الأصول والكنوز الحقيقية التي نمتلكها وأن لا نثق أبداً بدمى الغرب المنمقة والآخرين! النقطة المحورية لعالم التشيع هي معنويته العميقة التي تخلق قوة ثورية عظيمة. هذه المعنوية التي لا يمتلكها أحد غير الشيعة. في أماكن أخرى الأخلاق موجودة لكن المعنوية غير موجودة. العشق الكبير لله وللأئمة الأطهار ليس شيئاً يمكن العثور عليه في أي مكان آخر.
كل شيء جاهز لنقل الرسالة
العالم الغربي اليوم جاهز لقبول هذه الرسالة. إن جمهورنا اليوم يشعر بحاجته إلى هذه الرسالة. ميزتنا النسبية هي النقطة المحورية لقدراتنا. يعني كل شيء جاهز. و الأجواء في العالم الإسلامي أيضاً في مجال التصوف جاهزة أكثر بكثير مما نتصوره. أزمة لغرب اليوم ليست أزمة إقتصادية أو سياسية. الأزمة الساسية هي أزمة روحانية. لهذا السبب يقومون بتعزيز التصوف الناشيء ليتمكنوا من نشر التصوّف الذي يحمي الحداثة. ولكنهم لا يعلمون أن الموجة تتجه نحو جهة أخرى وأن الأرضية تتهيّأ من أجل ظهور وتجلّي أسماء وصفات الله. إنهم بالتصوف الناشيء لا يستطيعون حل المشكلة بل إنّ عطشهم للمعنوية يتزايد.
كما أن الشعور بالحاجة الروحية قد التهب في العالم الإسلامي. الروحانية الصوفية العميقة هي كنز فريد وخاص بنا ، وباستخدامها فإن لدينا كلام لنقوله في كل مكان.