اسباب أهمية وضرورة وحدة الأمة الإسلاميةالوحدة من منظور آية الله أعرافي

د

* آية الله الأعرافي

♦ الحاجة إلى إحياء مجد الحضارة الإسلامية:

الدليل الأول في شرح هذه الضرورة؛ الحاجة إلى إحياء مجد الحضارة الإسلامية؛ يجب القول في شرح هذا الدليل أن عظمة و مجد الحضارة الإسلامية في تاريخ صدر الاسلام و بعض المراحل التاريخية الأخرى قد أظهرت عظمة و قوة الإسلام في تأسيس حضارة عالمية عظيمة؛ لكن للأسف فإن الإبتعاد عن مباديء الوحي و الخلافات التي وقعت في العالم الإسلامي قد تسببت في تخلّف الأمة الإسلامية. إن إحياء الهوية الاسلامية و العودة إلى الحضارة الإسلامية و تجديدها يحتاج إلى ازدهار علمي و فكري في العالم الإسلامي. فبدون أن تقوم الأمة الإسلامية و الدول الإسلامية بامتلاك نتاج فكري في مجال العلم و تفتح قمم العلم العالية فلن تتمكن من إحياء الحضارة الإسلامية. 

إضافة إلى ذلك فإن التقدم العلمي وإعادة البناء العلمي في العالم الإسلامي يحتاج أيضاً إلى إرادة قوية و تضامن الأمة الإسلامية و المراكز العلمية في العالم الإسلامي. بنظرة جوهرية يتضح أن المذاهب الإسلامية تمتلك الكثير من المشتركات في المجالات الكلامية، الفقهية والأخلاقية وقد تم الإهتمام في معظم فروعنا الدراسية بالمواضيع المقارنة و الحوار الإيجابي البنّاء، لذلك إذا تناول علماء الدين و كبار الأمة المشتركات بشكل صحيح و تجنبوا التفرقة، فإنّ باستطاعتهم وضع الأمة الإسلامية و المذاهب الإسلامية بجانب بعضهم البعض في طريق العودة إلى الحضارة الاسلامية.

 

♦ مواجهة الغزو الغربي:

من جهة أخرى، إضافة إلى الوحدة الإستراتيجية التي تنبع من صلب التعاليم الإسلامية فإن الأمة الإسلامية تحتاج إلى وحدة تكتيكية في العصر الحديث بسبب تعرضها للغزو الثقافي، والعسكري والأخلاقي للحضارة الغربية. يحاول الغرباء من خلال مؤامراتهم جرّ الأمة الإسلامية و الشعوب و الحكومات و المجموعات الاسلامية إلى الهاوية الرهيبة للخلافات الدينية والصراعات العرقية والفتنة الداخلية؛ لذلك من واجب علماء الإسلام أن يكونوا رُسُلاً للوحدة و الإنسجام الإسلامي و يتجنبوا التطرف و التكفير الديني.

 

♦ وجود الوحدة في صلب معارف الشيعة::

إن وجود تأكيد كبير على أمر الوحدة في نصوص التعاليم الشيعية هو دليل آخر على أهمية تشكيل الوحدة بين الأمة الإسلامية؛ يعني أن أئمة الهدى (عليهم السلام) و أولياء ديننا قد استعملوا هذا النهج على مر القرون و بالتالي لدينا الكثير من المعارف التي أوصتنا جميعها بالتحلّي بسلوك جيد مع جميع المسلمين؛ و أن شاركوا في صلاتهم؛ شاركوا في صلاة جماعتهم؛ لتربطكم بهم علاقات قوية و بهذه الطريقة تم التأكيد بطرق و أشكال عديدة على ضرورة تشكيل الوحدة و العلاقة المناسبة بين المذاهب الإسلامية.

 

♦المباديء الأخلاقية والعلاقة الإسلامية:

للإسهاب في شرح هذا السبب يجب القول أن المباديء الأخلاقية و العلاقات الإسلامية في مذهب الشيعة يمكن تقسيمها إلى أربع مجموعات:

◾مباديء أخلاقية موصى بها فيما يتعلق بجميع البشر بما فيهم المتدينين و غير المتدينين.

◾ مباديء أخلاقية موصى بها فيما يتعلق بالعلاقة والتعامل مع المؤمنين بالأديان الإبراهيمية مثل المسيحيين واليهود؛

◾ مباديء أخلاقية موصى بها فيما يتعلق بأتباع الإسلام مع المذاهب المختلفة؛

◾ مباديء أخلاقية موصى بها حول بقية الشيعة؛

بالطبع و على الرغم من وجود هذا التقسيم إلا أنه يجب الإعتراف أن القليل جداً من العمل الفقهي قد تم في هذا المجال و ينبغي التطرق إلى العلاقات الفردية والإجتماعية أكثر في المواضيع الفقهية.

 

 لكن يجب الحديث عن المباديء الأخلاقية التي تم التأكيد عليها بخصوص العلاقة مع مختلف المذاهب الإسلامية حيث لدينا في هذا المجال مباديء وقواعد كثيرة و قد تم الإهتمام بهذا الموضوع كثيراً في فقهنا و أخلاقنا و أحاديثنا. على سبيل المثال يمكن أن نذكر في هذا المجال موضوع التقية؛ بقليل من التأمّل في هذا الموضوع يمكن القول أن التقية لم يوصى بها من أجل المحافظة على الروح فقط؛ بل المعنى الحقيقي لها هو المداراة؛ لذلك تم التأكيد فيها على خلق الألفة والأخوّة بين المسلمين وهي تحتاج إلى إمعان نظر خاص؛ على هذا الأساس يجب القول أن هناك اهتمام خاص في مدرسة التشيع المقدسة بفكر التقريب والوحدة بين المسلمين، ويمكن أن نثبت بسهولة أن هذه الفكرة يمكن شرحها وتحقيقها على أساس المواضيع الكلامية، الفقهية و الأخلاقية.