بينما تصرّ مجموعة من رجال الدين المتطرفين مع بعض المدّاحين على خلق سياسات الإنقسام بين الشيعة والسنة، فإن ظهور وثيقة تاريخية تتعلق بالفتوى الصريحة لآية الله عبدالكريم الحائري اليزدي مؤسس حوزة قم العلمية تعود إلى سبعين عام مضت تُظهر أن المرجعية الشيعية كانت تعارض بشدة التصرفات المثيرة للتفرقة.
بينما تصرّ مجموعة من رجال الدين المتطرفين مع بعض المدّاحين على خلق سياسات الإنقسام بين الشيعة والسنة، فإن ظهور وثيقة تاريخية تتعلق بالفتوى الصريحة لآية الله عبدالكريم الحائري اليزدي مؤسس حوزة قم العلمية تعود إلى سبعين عام مضت تُظهر أن المرجعية الشيعية كانت تعارض بشدة التصرفات المثيرة للتفرقة. .
بحسب هذا التقرير فقد أكد آية الله عبدالكريم الحائري في سؤال على استفتاء في عام 1314 على اعتقاده شخصياً برجعة أهل البيت لكنه اعتبر أن الدعوة إلى ذلك غير جائزة في حال كانت تعارض الوحدة الشيعية السنية. وفيما يلي نعرض النص الكامل للإستفتاء وجواب آية الله عبدالكريم الحائري:
سماحة آية الله العظمى الحائري مدّ ظله العالي
يُشكل علينا ما يتعلق بموضوع الرجعة الجسمية المذكورة في الطريقة الشريفة للإمامية و المذهب الجعفري المقدس، فنرجو من سماحتكم أن تكتبوا لنا كل ما تعتقدونه في هذا الخصوص وتعتبرونه من الكتاب والسنّة لأن هناك حاجة إلى ذلك.
جواب آية الله الحائري:
بسم الله الرحمن الرحيم
إنني استناداً إلى كثرة الأخبار أعتقدبالرجعة بشكل إجمالي ولكن هذا الأمر ليس من أصول الدين ولا المذهب وأنه فرضاً إذا كان شخص لا يعتقد بها لا يُعتبر خارجاٌ عن الدين أو المذهب وليست من المسائل العلمية وهي واجبة على المكلفين ليحصلوا عليها اجتهاداً أو تقليداً وفي مثل هذا الوقت يجب المحافظة على دين الناس بطريقة أخرى وأن البحث في مثل هذه الأمور ليس له فائدة سوى شق كلمة المسلمين وخلق عداوة مضرة بينهم.
الأحقر عبدالكريم الحايري
كذلك في كتاب آخر لآية الله السيد مصطفى خوانساري وهو من تلامذة آية الله الحائري و آيى الله البروجردي الخاصين وقد حظي الكتاب بموافقة آية الله الحائري أيضاً حيث انتقد فيه بشدة تصرفات بعض رجال الدين التي تبعث على التفرقة.
جاء في هذا الكتاب الذي انتشر عام 1313: أريد أن أذكّر هنا بشيء لا يعرفه الكثير من الناس أو إذا كانوا يعرفونه فإنهم لا يهتمون به وهو تلك الأضرار التي لا تُعدّ ولا تُحصى الناتجة عن الإختلاف بين المسلمين ونحن لا نهتم بها.
يجب على فرق المسلمين من الخاصة والعامة والشيعة وأهل السنّة وبقية الطوائف أن يضعوا هذه الخلافات جانباً وأن يردّوا على عدوهم الكبير المتمثل بالماديين وغيرهم وأن يُظهروا لشعوب العالم الفوائد التي تنتج عن الإسلام .
يجب على فرق المسلمين أن تسعى كأعضاء الجسد الواحد من أجل هدف واحد وهو تعزيز الإسلام. على الرغم من أن اليد و الرجل وبقية أعضاء الجسد منفصلة عن بعضها و مفرّعة إلا أنها جميعاً تسعى لهدف واحد هو حفظ الجسد. يجب أن نتعلّم التديّن من الصحابة والتابعين و المسلمين في صدر الإسلام حيث كانوا يتغاضون عن خلافاتهم و يسعون للمضي في هدف واحد. نعم، نتيجة اتّحادهم و توافقهم انتشر الإسلام بهذه السرعة في جميع أنحاء العالم. لو لم تكن هذه الوحدة موجودة بعد رحلة الرسول الأعظم ولو لم يجتمعوا على الرسالة تحت كلمة واحدة هي كلمة التوحيد والشهادة، فهل كان ممكناً أن يحقق الإسلام كل هذا التقدّم؟ أما كانت جهود الرسول جميعها قد ضاعت سدى؟ نعم لقد أعطوا زخماً للمجتمع الدولي.
لو كان المسلمون متحدون...
واليوم أيضاً لو كان المسلمون متحدون وَ أوصلوا لشعوب العالم بالقلم و اللسان فوائد الإسلام لما كانت نتيجته أقل من ذلك، لأن الناس في هذا العصر قد لمسوا جيداً أضرار عدم التديّن وتحققوا منها. فمتى شاهدوا ديناً مثل الإسلام سيقبلونه سريعاً.
بغض النظر عن ذلك فإن خلافات اليوم لا أساس لها لأنه لا يوجد اليوم من يدعو إلى الخلافة لينتج اختلافات عن ذلك و في أصل الدين المتمثل بالتوحيد و النبوة و المعاد لا يوجد اختلاف؛ فالإختلاف في موضوع الإمامة فقط والخلافة بلا فصل والتي هي من أصول المذهب وهذه أيضاً ليس لها موضوع الآن بسبب عدم وجود إمام حاضر.
أما الإختلاف في فروع الدين فهو بمقدار الاختلاف الموجود بين كل قوم ولا يجب أن نصبح أعداءاً من أجله. وكما أن العامة في الفروع الفقهية يتبعون فقهاءهم و أئمتهم الأربعة فإن الشيعة أيضاً يتابعون أئمتهم الإثني عشر و فقهائهم وهذا الإختلاف في الفروع لا يضرّ.
فقط موضوع الخلافة يجب أن يوضع جانباً لأنه لا مصداق له اليوم كيلا يمنعهم عن أصل الهدف، و إلا فإن الآخرين ينتظرون ظهور مثل هذه الإختلافات ليصلوا من خلالها إلى غايتهم. هناك حكاية معروفة عن الشيخ و السيد و رجل السوق في الحقل حيث غُلبوا ثلاثتهم بسبب الإختلاف، بل إن ما نستنتجه من مراجعة التاريخ هو أن معظم الإنتصارات في العالم كانت بسبب اختلاف المغلوبين.