نحن على مشارف الأربعين في هذه الأيام، نشهد في الأعوام الأخيرة ظاهرة فريدة غير مسبوقة هي المشي بين النجف وكربلاء وحتى انطلاقا من مدن أكثر بعدا من النجف، هذا الحراك هو حراك العشق والإيمان؛ نحن نراقب هذا الحراك من بعيد ونغبط الذين وُفّقوا للمشاركة به. هؤلاء الذين قطعوا هذه المسافات ويشكّلون هذا الحراك المملوّ بالعشق والإيمان، نحنُ وإن كنّا بعيدين فقلوبنا تلهج بذكرك، لا تباعد في السفر المعنوي، يجدر بي وأمثالي المحرومين من المشاركة في هذا النوع من الحركات أن نقول يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً للإنصاف فإن شعب العراق يستضيف [الزوار] بكل عظمة ومحبة، هو حراك عظيم مليء بالمعاني وذو عمق كبير وعلى من يوفق للمشاركة اغتنام هذه الفرصة.
*كلمته في بداية درس البحث الخارج في الفقه حول مسيرات الأربعين
♦... هذه الأيام أيام قريبة من أربعين. و قد تكوّنت ظاهرة منقطعة النظير و غير مسبوقة في السنوات الأخيرة و هي مسيرات المشي بين النجف و كربلاء، أو من بعض المدن الأبعد من النجف إلى كربلاء، بعضهم يمشي من البصرة و بعضهم من الحدود، و بعضهم من مدن أخرى، يسيرون مشياً على الأقدام. هذا التحرك هو تحرك العشق و الإيمان، و نحن ننظر من بعيد لهذا التحرك و نتحسّر و نغبط حال الذين توفقوا لأداء هذا التحرك. يقول الشاعر: رغم أننا بعيدون لكننا نتحدث بذكراك "ليست المنازل بعيدة في السفر المعنوي" (1)
كما قلنا فإن هذا الحراك حراك إيمان و عشق. فالإيمان و الاعتقاد القلبي و المعتقدات الحقيقية هي المحرك و هي الفاعل في هذا العمل، و كذلك العشق و المحبّة. و كذلك فكر أهل البيت و التفكير الشيعي. إنها تركيبة من العقل و العاطفة و تركيبة من الإيمان و العشق، تركيبة من هذين. هذا هو الشيء الذي يُشعَرُ بفراغه في سائر الفرق الإسلامية، و هم يحاولون أحياناً أن يملأوا هذا الفراع بنحو من الأنحاء، و لكن لا يمكن.
♦من هناك مثل آل الرسول الأكرم (ص) - هذه الشخصيات البارزة الممتازة النورانية الملكوتية - بين معتقدات الشُعَب الإسلامية الأخرى يعشقهم الناس هكذا، و يتعاملون معهم و يتحدثون معهم و يسلمون عليهم و يسمعون منهم الجواب إن شاء الله، من هناك غيرهم؟ لذلك فهي فرصة متاحة لأتباع أهل البيت. زيارة الأئمة (عليهم السلام) و هذا العشق المعنوي لهؤلاء الأجلاء، و هذه الزيارات المفعمة بالمفاهيم الراقية السامية الممتازة متاحة بين أيدينا.
♦عندما نريد أن نتحدث مع هؤلاء فبأيّ لغة نتحدث معهم؟ متى نستطيع أن نجد في أذهاننا كلمات و تراكيب و مفاهيم بهذه الفصاحة و بهذه البلاغة و بهذه الجزالة و نتحدث معهم؟ هذه الزيارات جيدة جداً. طبعاً هذا لا يمنع من أن يتحدث الإنسان مع هؤلاء العظماء هكذا عفوياً و من قلبه - كالشخص الذي يتحدث مع أبيه أو مع عزيز له و يشكو و يتحدث - هذا لا مانع منه، لكن هذه الزيارات التي بين أيدينا هي حقاً من الأشياء المغتنمة الموجودة و الحمد لله في مدرستنا.
الهوامش: مقطع فيدئو من كلمة الامام خامنه اي
|