حمولة ...

من الواضح أن نجاح الإسلام في مختلف المجالات العالمية وحماية الوجود و الهوية الإسلامية و دعوة الناس إلى الروحانية و الدعوة من أجل العودة إلى الفطرة الأساسية و الدين الإلهي يعتمد على المعرفة الإلهية، يعتمد على معرفة كيفية المواجهة و التعامل العالمي الشامل. من جهة أخرى فإن الوحدة الإسلامية تمتلك جانبين عاطفي وأخلاقي وآخر فكري.

آية الله أعرافي

يتم التأكيد في هذا الخطاب (خطاب الثورة الإسلامية) على عدة أسس و مباديء سنقوم بشرحها هنا:

 

♦المبدأ الأول: التركيز على المشتركات:

أول مبدأ من هذه المباديء التأكيد على المشتركات الموجودة في عقائد الطوائف المختلفة. هذه المشتركات موجودة في العموميات مثل التوحيد، والنبوة، والمعاد وفي الشعائر الدينية مثل القبلة، والقرآن وغيرها؛ كذلك يوجد عدد كبير من هذه المشتركات في مجال الفقه، والأخلاق والمعارف الدينية.

 

♦المبدأ الثاني: تجنّب التكفير والرفض الكلّي

بالطبع وكما ذكرنا سابقاً فإن قبول المبدأ السابق ليس معناه أنّ عقائد جميع المذاهب الإسلامية صحيحة؛ بل معناه أنّ كل مذهب من المذاهب الإسلامية يستطيع الدفاع عن عقائده بشكل منطقي وأن يتناول شعائره وطقوسه؛ لكن يجب أن يكون لديه القدرة على تحمّل الآخرين وتجنّب تكفيرهم و رفضهم بالمطلق؛ وعلى هذا يمكن أن نعتبر أن المبدأ الثاني في هذا المجال هو تجنّب تكفير المذاهب الإسلامية الأخرى ورفضها بالمطلق.

في الواقع في حين أنه ينبغي وجود هامش من الحرية في مختلف الدول الإسلامية لتتمكن المذاهب الأخرى من الإعلان عن عقائدها، فإنه لا بد من تجنّب التكفير و الرفض المطلق لبعضهم البعض ليكون ذلك مقدمة لخلق الوحدة الإسلامية.

في الواقع في حين أنه ينبغي وجود هامش من الحرية في مختلف الدول الإسلامية لتتمكن المذاهب الأخرى من الإعلان عن عقائدها، فإنه لا بد من تجنّب التكفير و الرفض المطلق لبعضهم البعض ليكون ذلك مقدمة لخلق الوحدة الإسلامية.

 

 

♦المبدأ الثالث: تجنّب الإهانة والعدوانية

المبدأ التالي ضرورة تجنّب الإهانة والكلام اللاذع. يجب أن تعلن المذاهب الإسلامية المتنوعة عن معتقداتها وقناعاتها؛ لكن يجب أن تتجب أيضاً السبّ والعدوانية مع بعضها البعض.

 

♦النتيجة

على هذا الأساس يتضح أن خطاب الثورة الإسلامية من أجل خلق الوحدة الإسلامية لا يدّعي أنّ هناك مذهب مشترك وأنه يجب على جميع الفرق الإسلامية أن تترك عقائدها الخاصة؛ بل يعتقد هذا الخطاب أنّه يجب أن يكون هناك إمكانية لإظهار الآراء المختلفة في أجواء منطقية و عقلية، ويجب أن تتمكن جميع المذاهب من تقديم المفاهيم والمعتقدات الخاصة بها للعالم أجمع؛ لكن في الوقت نفسه يجب تجنّب الشتم و العدوانية مع بعضها البعض والتأكيد على المشتركات لتتهيّأ الظروف من أجل خلق الوحدة الإسلامية الحقيقية؛ كما اتّضح أن التقريب والوحدة التي يتم الحديث عنها في الشيعة قد نشأت من صلب الدين ومعارف أهل البيت أنفسهم ولا تشبه أيّ من التفسيرات المذكورة؛ لذلك ينبغي على الحوزات العلمية الشيعية العمل على نشر المعارف الشيعية و الدفاع عنها؛ لكن في الوقت نفسه يجب أن تهتم بالتقريب بين المذاهب أيضاً وأن تسعى لخلق هذا التقريب على أساس فقه أهل البيت ومعارفهم السامية؛ وبهذه الطريقة فإن التأكيد على شعائر مثل التطبير التي يعتبر البعض منها خاطيء ويمكن له أن يحدث خللاً في المعادلات التي تحكم الأمة الإسلامية، ليس بالأمر الصحيح ويجب عبى الحوزات العلمية الدخول في هذا المجال برؤية أكثر وضوحاً. بالمناسبة لقد اهتم علماء الشيعة الكبار على مرّ التاريخ بهذا الأمر أيضاً أمثال الشيخ المفيد كما قام بهذا العمل في حوزة بغداد، و بحسب المصادر التاريخية فقد شارك مئات الآلاف في تشييع جنازته و وكانت نسبة كبيرة منهم من السنة. إن هذا الأداء يجسّد التقريب بالمعنى الحرفي و يوفر معياراً قوياً لبقية العلماء. لأنّ أعلاماً مثله أو مثل الشيخ الطوسي والعلّامة الحلّي الذين يمتلكون آثاراً علمية كثيرة و الكثير من أسس الشيعة الفقهية والكلامية تعود إليهم قد كانوا ناجحين للغاية في موضوع التقريب؛ لكن على الضفة الأخرى كان هناك العديد من المتطرفين الذين شوّهوا صورة المذهب وأهانوا الإسلام من خلال سلوكهم اللامنطقي مثل التطبير الذي لا مبنا له ولا أساس، وذلك عبر السبّ واللعن في الوهلة الأولى، وفي الوهلة الثانية قد تسببوا بالحرب و الصراع بين المسلمين.  من الواضح أن خطاب الإمام و خطاب الاسلام الأصيل لا يقبل بأي شكل من الأشكال بمثل هذا النهج ولا يرضى في أن تكون الغالبية الشيعية في إيران وعدم وجود خطر وتهديد لها سبباً في تهديد الشيعة في بقية بقاع العالم.

 

♦طرق واستراتيجيات الوحدة

من الواضح أن نجاح الإسلام في مختلف المجالات العالمية وحماية الوجود و الهوية الإسلامية و دعوة الناس إلى الروحانية و الدعوة من أجل العودة إلى الفطرة الأساسية و الدين الإلهي يعتمد على المعرفة الإلهية، يعتمد على معرفة كيفية المواجهة و التعامل العالمي الشامل.

من جهة أخرى فإن الوحدة الإسلامية تمتلك جانبين عاطفي وأخلاقي وآخر فكري، والجانب العاطفي والأخلاقي سيكون مفيداً إذا كان قائماً على الجانب الثاني يعني التعقّل والفكر؛ كذلك الوحدة في المجالات الإجتماعية والسياسية والثقافية ستكون مثمرة عندما تكون قائمة على الوحدة في الأهداف والرؤى والتطلعات. فالوحدة في الأهداف والتطلعات تظهر بالتضامن والتوافق في أفكار و وجهات نظر المفكرين الإسلاميين؛ كذلك يجب التعرّف في هذا السياق بشكل كامل على الطرق والأساليب الصحيحة التي يجب أن تكون أساساً للعمل.

من جهة أخرى فإن الوحدة الإسلامية تمتلك جانبين عاطفي وأخلاقي وآخر فكري، والجانب العاطفي والأخلاقي سيكون مفيداً إذا كان قائماً على الجانب الثاني يعني التعقّل والفكر؛ كذلك الوحدة في المجالات الإجتماعية والسياسية والثقافية ستكون مثمرة عندما تكون قائمة على الوحدة في الأهداف والرؤى والتطلعات. فالوحدة في الأهداف والتطلعات تظهر بالتضامن والتوافق في أفكار و وجهات نظر المفكرين الإسلاميين؛ كذلك يجب التعرّف في هذا السياق بشكل كامل على الطرق والأساليب الصحيحة التي يجب أن تكون أساساً للعمل.

إن النجاح في هذا المجال يتعلق بعدة أمور أهمها عبارة عن:       .

1. الفهم الشامل والدقيق للإسلام

2. معرفة العالم والإنسان والثقافة المعاصرة.

3. بالعودة إلى الأخوّة الإسلامية وتعزيز العلاقات والأواصر الأخوية.  

4. تعزيز العلاقات على أساس المباديء العقلية والمنطقية الصحيحة و ملاحظة الآفاق المشتركة و العمل على خلق برنامج إسلامي عالمي و السعي من أجل تحقيق الأهداف والتطلعات.

 بالطبع إن النجاح في هذا المجال يحتاج إلى رؤية واقعية، و إلى التواضع وتجنّب الغرور والعصبية كما أن استمرار ذلك يتعلق بتنشئة جيل جديد يتمتع بثقافة مثالية.

 

♦نهج الإمام الخميني (ره) العابر للحدود في مجال وحدة المسلمين

الإمام الخميني واحد من المنادين بالوحدة الإسلامية في العصر الحديث حيث ترك تأثيراً عميقاً على الفكر الإسلامي والتنمية الإجتماعية. فمع التأكيد الكبير على معارف أهل البيت فقد اعتبر أن الأمة الإسلامية جسد واحد، كما كان يمتلك نهجاً عابراً للحدود والقوميات واللغات و نظرة شاملة للعالم الإسلامي. كان الإمام مدافعاً كبيراً عن الولاية؛ لكنه لم يجعل هذه النظرة ذريعة من أجل خلق الإختلاف بين المسلمين، وبالهام من الأولياء و الأئمة الأطهار كان يملك نظرة واقعية لجميع المسلمين. قد يظن البعض أن وحدة المسلمين تتعارض مع تعاليم أهل البيت أو أنّ النهج التقريبي للإمام كان مختصاً بفترة خاصة؛ لكن يجب القول أن ضرورة الوحدة الإسلامية تنطبق بشكل كامل مع تعاليم القرآن و أهل البيت؛ على هذا الأساس، يجب على المسلمين أن يتحدوا في وجه الأعداء على جميع الأصعدة. كما ينبغي على الحوزات العلمية اليوم أن تسير في هذا الطريق من أجل تحقيق الوحدة الإسلامية وأن تعبّد طريق تشكيل المجتمع الإسلامي بالإستفادة من المعارف الإسلامية الأصيلة؛ وعلى هذا الأساس فإن جميع المذاهب مع وجود خصائص وميزات خاصة بها فإنها جميعاً تقع في أسرة واسعة واحدة ويجب الإهتمام بالمصلحة العامة لتلك الأسرة، هذا من السياسات الكلية التي ينبغي على حوزة قم التأكيد عليها؛ إضافة إلى كل هذا، فإننا جميعاً مسؤولون عن السيطرة على االمتطرفين من أجل حماية الأهداف الإسلامية الكبرى.

اسباب أهمية وضرورة وحدة الأمة الإسلاميةالوحدة من منظور آية الله أعرافي-القسم  الاول

 

 معاني وأشكال التقريب وَالتفاعل وَمقاربة الوحدة-القسم الثاني




المستعمل تعليقات