حمولة ...

من أدوات الأعداء بث التفرقة بيننا، إنني أصرّ على التأكيد و التشديد على هذا الموضوع. أيها الإخوة و الأخوات، يا مسلمي العالم الإسلامي إذا وصل أسماعكم هذا الصوت! يوم ظهرت كلمة السنة و الشيعة في أدبيات الأمريكيين، شعرنا بالقلق، و قلِقَ كلُّ أصحاب الخبرة و الرأي. ما علاقة السنة و الشيعة بأمريكا؟

 

كلمته في لقائه مدراء البلاد و ضيوف مؤتمر الوحدة الإسلامية العالمي بمناسبة ولادة الرسول الأكرم (ص)

 

من أدوات الأعداء بث التفرقة بيننا، إنني أصرّ على التأكيد و التشديد على هذا الموضوع. أيها الإخوة و الأخوات، يا مسلمي العالم الإسلامي إذا وصل أسماعكم هذا الصوت! يوم ظهرت كلمة السنة و الشيعة في أدبيات الأمريكيين، شعرنا بالقلق، و قلِقَ كلُّ أصحاب الخبرة و الرأي. ما علاقة السنة و الشيعة بأمريكا؟ السياسي اليهودي الصهيوني الأمريكي الفلاني الذي لا يمكن أن يصدر عنه سوى الشر ضد الإسلام و المسلمين، ما شأنه حتى يتحدث و يقيّم بين السنة و الشيعة في العالم الإسلامي، فيقول شيئاً عن السنة و يقول شيئاً عن الشيعة؟

منذ أن ظهرت أدبيات السنة و الشيعة في كلام الأمريكيين، قلق أهل الفهم و التدقيق هنا، و أدركوا أن أمراً جديداً على أعتاب التنفيذ. لإشعال الحروب بين الشيعة و السنة سوابقه، و البريطانيون ماهرون في هذه العملية. لدينا الكثير من السوابق و لدينا الكثير من المعلومات عن سوابق خلق نزاعات و اختلافات و أحقاد بين السنة و الشيعة على يد عملاء البريطانيين - سواء هنا أو في الدولة العثمانية السابقة أو في البلدان العربية - من أجل أن يوقعوا بينهم، بيد أن الخطة التي يحملها الأمريكيون اليوم خطة خطيرة. هل التحيز لفرقة مقابل فرقة أخرى داخل العالم الإسلامي، شيء يفرحنا؟ إذا تحيزوا لنا هل يجب أن نكون فرحين مرتاحين؟ لا، يجب أن يتملكنا الهمّ و ينبغي أن نبحث عما وجدوه فينا من نقاط ضعف حتى صاروا يريدون استغلال نقاط الضعف تلك، و يبدون التحيز و المناصرة لنا؟

 

إنهم يعارضون أساس الإسلام

إنهم يعارضون أساس الإسلام. واقع القضية هو ما ذكره رئيس جمهورية أمريكا في حينها في قضية الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك و انفجار الأبراج، حيث قال إنها حرب صليبية، كان على حق، لقد كان إنساناً سيئاً لكن كلمته هذه كلمة صادقة: معركة بين الإسلام و الاستكبار. طبعاً هو قال المسيحية و الحرب الصليبية، لكنه يكذب، فالمسيحيون داخل العالم الإسلامي يعيشون بكامل الأمن، و هكذا هم اليوم أيضاً في بلادنا، و كذلك هم في بعض البلدان الأخرى، كان يقصد المعركة بين القوى الاستكبارية و القوى المهيمنة على العالم و بين الإسلام، هذا كان صحيحاً، هذا الكلام كان كلاماً صادقاً. هؤلاء السادة الذين يحكمون أمريكا الآن و يقولون إننا مع الإسلام، و نحن نعارض الفرقة الإسلامية الفلانية و نعارض الفرقة الإسلامية العلانية، يكذبون و ينافقون و يراؤون. إنهم يعارضون أساس الإسلام و وجدوا أن السبيل هو خلق معارك و الحروب بين المسلمين.

ذات يوم طرحت هذه الخلافات بعناوين القومية الإيرانية و القومية التركية و القومية العربية و ما إلى ذلك، و لم تكن فاعلة بدرجة كبيرة، و اليوم يريدون بث الخلافات باسم المذاهب و الإيقاع بين الشباب و إشعال معارك و الاقتتال بينهم. و ستكون النتيجة ولادة فرق إرهابية مثل داعش بأموال التابعين لأمريكا و بمساعدة سياسية من أمريكا و بمواكبة من حلفاء أمريكا، و توفير إمكانية العمل و النشاط لها، و خلق هذه الفجائع في العالم الإسلامي، ستكون هذه هي النتيجة.

إنهم يكذبون حين يقولون إننا نعارض الشيعة و نوافق السنة، كلا، هل الفلسطينيون شيعة أم سنة؟ لماذا يعادون الفلسطينيين لهذه الدرجة؟ لماذا لا يتعرضون أبداً للجرائم التي ترتكب ضد الفلسطينيين؟ كم قصفت غزة؟ كم تعرضت أراضي الضفة الغربية للضغوط و تتعرض للضغوط الآن أيضاً؟ أولئك ليسوا بشيعة، بل سنة. القضية بالنسبة للأمريكيين ليست قضية شيعة و سنة، بل هم يعتبرون أي مسلم يريد أن يعيش بالإسلام و بأحكام و قوانين الإسلام و يجاهد لأجلها و يعمل في سبيلها، يعتبرونه عدوهم.

إنهم يكذبون حين يقولون إننا نعارض الشيعة و نوافق السنة، كلا، هل الفلسطينيون شيعة أم سنة؟ لماذا يعادون الفلسطينيين لهذه الدرجة؟ لماذا لا يتعرضون أبداً للجرائم التي ترتكب ضد الفلسطينيين؟ كم قصفت غزة؟ كم تعرضت أراضي الضفة الغربية للضغوط و تتعرض للضغوط الآن أيضاً؟ أولئك ليسوا بشيعة، بل سنة. القضية بالنسبة للأمريكيين ليست قضية شيعة و سنة، بل هم يعتبرون أي مسلم يريد أن يعيش بالإسلام و بأحكام و قوانين الإسلام و يجاهد لأجلها و يعمل في سبيلها، يعتبرونه عدوهم.

 

عدو أمريكا هو «النزعة الإسلامية»

أجروا حواراً مع سياسي أمريكي فسأله المحاور: من هو عدو أمريكا؟ فأجاب إن عدو أمريكا ليس الإرهاب، و ليس المسلمون هم أعداء أمريكا، بل عدو أمريكا هو «النزعة الإسلامية»، النزعة الإسلامية. أي طالما كان المسلم غير مكترث، و يذهب و يعود في دربه، و ليست فيه محفزات تجاه الإسلام، فهم لا يشعرون بالعداء ضده، و لكن حين تكون القضية قضية نزعة إسلامية و التزام و تقيد بالإسلام و سيادة الإسلام و تأسيس تلك الحضارة الإسلامية، ستبدأ العداوات. و قد صدق في قوله فعدوه هو النزعة الإسلامية. لذلك حينما تقع في العالم الإسلامية صحوة إسلامية تلاحظون كم يتخبطون و يسعون و يعملون من أجل القضاء عليها و إجهاضها، و ينجحون في بعض الأماكن. طبعاً أقولها لكم إن الصحوة الإسلامية ليست مما يمكن القضاء عليه، و الصحوة الإسلامية ستصل إن شاء الله و بفضل من الله و بحوله و قوته إلى أهدافها.

هدفهم إشعال حرب داخلية بين المسلمين، و قد نجحوا للأسف إلى حد ما. إنهم يدمرون البلدان الإسلامية الواحد تلو الآخر - يدمرون سورية و يدمرون اليمن و يدمرون ليبيا - و يقضون على بناها التحتية، لماذا؟ لماذا نستسلم لهذه المؤامرات؟ لماذا تبقى أهدافهم غير معروفة بالنسبة لنا؟ لنتحلّ بالبصيرة، إذا أردنا أن ننجح في هذا الطريق يجب أن نتوفر على البصيرة. يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه الصلاة و السلام): «اَلا وَ لا يحمِلُ هذَا العَلَمَ اِلاّ اَهلُ البَصَرِ وَ الصَّبر» (نهج البلاغة، الخطبة رقم 173). يجب التحلي بالبصيرة و الصبر في هذا الدرب. «وَ اِن تَصبِروا وَ تَتَّقوا لا يضُرُّكم كيدُهُم شَيئًا» (سورة آل عمران، شطر من الآية 120 .). إذا سرنا ببصيرة و صبر و استقامة فلن تثمر مساعيهم، و لكن عندما نتحدث مثلما يتحدثون و نعمل مثلما يعملون، فستكون هذه هي النتيجة.

لماذا يعرضون المسلمين في البحرين لكل هذه الضغوط؟ و في نيجيريا لماذا يرتكبون تلك الفاجعة ضد ذلك الشيخ المصلح التقريبي المؤمن (لشيخ إبراهيم الزكزاكي.) و يقتلون حوالي ألف شخص من الناس المحيطين به، و يقتلون ستة من أبنائه خلال سنتين؟ لماذا يبقى العالم الإسلامي ساكتاً حيال هذه الفجائع؟ لماذا يتحمل العالم الإسلامي قرابة سنة من القصف الدائم لليمن؟ قرابة سنة - عشرة أشهر و نيف - و بيوت الشعب اليمني و مستشفياته و مدارسه و طرقه و أبناؤه الأبرياء و نساؤه و رجاله تحت القنابل، لماذا؟ هل هذا لصالح العالم الإسلامي؟ في سورية بشكل، و في العراق بشكل. أهدافهم أهداف خطيرة، أهدافهم يجري التخطيط لها و رسمها في غرف عملياتهم كما يقولون هم، فيجب أن نكون واعين يقظين.

 

قلت إن الأمل معقود على علماء الإسلام و المثقفين الحقيقيين في العالم الإسلامي و الواجبات و المسؤوليات ملقاة على عاتقهم. يجب عليهم أن يتحدثوا مع شعوبهم و مع سياسيهم - بعض رجال السياسة في العالم الإسلامي لهم ضمائر يقظة، و هذا ما جربناه عن قرب - و يمكنهم أن يمارسوا دوراً. ما أقوله في هذا اللقاء هو لنغترف من ذكرى ولادة الرسول الأكرم (ص) فائدةَ أنْ نركز هممنا على ما فعله الإسلام في يومه الأول و هو إحياء العالم الميت في ذلك الزمان، و هذا يحتاج إلى عقل و تعقل و تدبر و بصيرة و معرفة العدو، لنعرف العدو، و لنعرف مؤامرات العدو، و لا ننخدع بمخادعاته. ليعيننا الله تعالى و ليهدنا صراطه المستقيم و يثبت أقدامنا. صدق الشاعر العربي حيث قال:

 

الدَّهرُ يقظان وَ الأَحداثُ لم تنَم‌

فَما رُقادُكم يا أَفضَلَ الأُمَم (أحمد شوقي بقليل من الاختلاف)

 

عندما يستهدفكم عالم القوة و المال و العسف بكل إمكانياته فلن يكون من حقكم النوم و الغفلة.

اللهم اجعلنا من السائرين على هذا الصراط المستقيم كما يرتضيه الإسلام و حياتنا الدنيا.

و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.




المستعمل تعليقات