أيها الإخوة والأخوات: نحن وكما قيل بالأمس في أكثر من مكان في العالم العربي والإسلامي نشعر أننا أمام وعد بلفور جديد، وعد بلفور ثانٍ. هي صدفة أو محسوبة أنه بعد مئة سنة من وعد بلفور الأول جاءنا وعد بلفور الثاني.
أيها الإخوة والأخوات: نحن وكما قيل بالأمس في أكثر من مكان في العالم العربي والإسلامي نشعر أننا أمام وعد بلفور جديد، وعد بلفور ثانٍ.
هي صدفة أو محسوبة أنه بعد مئة سنة من وعد بلفور الأول جاءنا وعد بلفور الثاني.
العدو الإسرائيلي، أن هذا الكيان وقادة هذا الكيان هم أساساً لا يحترمون القرارات الدولية، وهذا أمر مثبت عندما نستعرض كل القرارات الدولية، ولا يحترمون مواثيق دولية ولا يحترمون اتفاقيات دولية ولا يحترمون حتى الاتفاقيات التي وقعوها هم. مصلحتهم هي الأعلى وهي الحاكمة ولا يحترمون حتى ما يسمى بالمجتمع الدولي أو الإرادة الدولية
بالنسبة لهذا الكيان ما يعنيه بشكل أساسي هو الولايات المتحدة الأمريكية والموقف الأمريكي. هذا معلوم.
وبالتالي لعقود من الزمن الماضي كانت حكومات العدو المتعاقبة تحاول أن تهوّد القدس، أن تصادرها بكل الأبعاد، بشرياً وعلى مستوى السكن وعلى مستوى المقدسات وعلى كل صعيد.
لكن كانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة أيضاً، تحت عنوان أنها هي راعية السلام وهي المشرفة على المفاوضات وهي المعنية بأن توازن بين دول المنطقة وإسرائيل وحلفاءها العرب وما شاكل، كانت أحيانا تسمح بحدود وأحياناً تمنع الخطوات الإسرائيلية في القدس.
من هذه المقدمة نفهم خطورة القرار الأميركي الجديد، لأنه ماذا قال لهم ترامب؟ قال لهم هذه القدس كلها، غربية وشرقيها، هذه القدس لكم، هذه أرضكم، هذه عاصمتكم، هذه تخضع لسيادتكم. حسناً، الحاجز الأميركي التكتيكي الذي كان له علاقة بالدبلوماسية وبالإدارة السياسية للمفاوضات وبالتوازن ودوزنة المواقف بين الكيان الصهيوني والدول العربية والإسلامية، هذا كله سقط بالأمس بالضربة القاضية.
حسناً، في السابق كان أنّ القدس في وضع خاص ومعترف فيه دولياً وإلخ…
الآن أين يوجد وضع خاص؟ السيادة على المقدسات الإسلامية والمسيحية بحسب الاعتراف الأميركي هي للإسرائيليين، وهم أحرار في أن يفعلوا ما يشاؤون، ونحن نسمع منذ البداية وفي السنوات القليلة الماضية، أصواتاً تتعالى أنه هذه هي الفرصة التاريخية لإعادة بناء الهيكل وتنفيذ النوايا الصهيونية على هذا الصعيد، يمكن بعد هذا الإعلان بصراحة أن نقول نعم، المقدسات الإسلامية والمسيحية في خطر شديد ويجب أن ندق ناقوس الخطر ولكن ما هو ما خطر أعظم وأدهى هو نفس المسجد الاقصى
مصير القضية الفلسطينية برمتها، يعني القدس هي قلب القضية الفلسطينية، هي مركز القضية الفلسطينية، محور القضية الفلسطينية، جوهر القضية الفلسطينية. عندما يتم إخراج القدس من هذه القضية، ماذا بقي؟ لم يبقَ شيء، اليوم ترامب ماذا يقول للفلسطينيين وللشعب الفلسطيني وللأمتين العربية والإسلامية والعالم: لم يعد هناك قضية فلسطينية، هذا الأمر انتهى.
لمن هو خارج القدس، عندما تتجرأ أميركا على ما هو أعز عند الفلسطينيين وعند العرب والمسلمين والمسيحيين والعالمين العربي والاسلامي، وتأخذها وهو القدس، فإذاً ما هو مصير الضفة الغربية؟ وما هو مصير الجولان؟ مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وأي شيء آخر؟ عندما يتجرأ على ما هو أعز عندك وأقدس لديك ولا يخاف من شيء ولا يعمل حساب شيء على الإطلاق، فهو فيما هو لا يوازيها بالقداسة والأهمية والبعد الحضاري والوجداني والديني كيف يتصرف، ولذلك كل القضايا الأخرى التي هي موضع صراع مع العدو الاسرائيلي ستكون مهددة خصوصاً اذا تم السكوت عن هذا القرار الخطير.
المخاطر المترتبة على هذا القرار وخصوصاً إذا تم السكوت عليه، لأنه أبعد مما هو الصراع العربي الإسرائيلي. من أهم الخاطر هو الاستباحة الاميركية لكل شيء في العالم العربي والعالم الإسلامي، لأن الأمة التي تسكت عن اغتصاب القدس واقتطاعها من تاريخها وحضارتها وقلبها وعقلها وروحها ووجدانها هي أمة يمكن أن تتخلى عن أي شيء آخر له علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي أو أي شيء تطمع فيه الإدارة الاميركية او تتطلع إليه.
لذلك نحن أمام عدوان أميركي سافر على القدس وعلى أهلها وعلى مقدساتها وعلى هويتها الحضارية وعلى فلسطين وشعبها وقضيتها وعلى كل الأمة، حكومات وشعوب وتاريخ وحضارة، ونحن أمام ما قام به ترامب بالأمس، أمام منكر عظيم وظلم تاريخي كبير للمقدسات وللأمة وأمام استعلاء واستكبارٍ وعتوٍ قلّ نظيره مما يرتب على الجميع مسؤوليات في المواجهة.
بالموقف، أنا بالحقيقة الذي أقترحه بعض الأمور لكن قسمتهم إلى قسمين:
القسم الأول، الاحتجاج: كل شيء عنوانه احتجاج وإدانة واستنكار وتنديد وشجب وإعلان رفض لهذا العدوان الأميركي السافر ولهذه الخطوة الخطيرة ومن جهة أخرى إعلان التضامن والتأييد والوقوف إلى جانب فلسطين وشعب فلسطين وقضية القدس وأنها تهمنا جميعاً وأنها مسؤوليتنا وأنها تعنينا من جهة أخرى، هذا العنوان مطلوب، هذا أضعف الإيمان.
كل أشكال الاحتجاج والإدانة والاستنكار والشجب والتنديد يجب أن تسمعه الإدارة الأمريكية وأن يشعر به الكيان الغاصب على امتداد العالمين العربي والإسلامي بل على امتداد العالم.
إصدار البيانات والمواقف على امتداد العالم العربي والإسلامي
أن يتم استدعاء السفراء الأميركيين في كل عواصم العالمين العربي والإسلامي حيث يوجد، والى وزارات الخارجية وإبلاغهم احتجاجاً رسمياً
العنوان الثاني الذي هو إجراءات وتدابير لتحصين الموقف وللضغط على الإدارة الأميركية للتراجع عن هذا القرار ولتجميد هذا القرار
الاميركيون يعملون لمصالحهم، الاميركيون برغماتيون تهمهم مصالحهم
الدليل انه هناك الكثير من القرارات أخذوها والاتفاقات وقعوها وانسحبوا منها وخرجوا منها عندما اقتضت مصالحهم شيئاً آخر.
ترامب ماذا قال؟ قال هذه الخطوة هي في مصلحة إسرائيل، يجب أن تثبتوا له أنها ضد مصلحة إسرائيل التي تحرص عليها أنت.
قال إن هذا من مصلحة عملية السلام بين هلالين، يجب أن تثبتوا له أن هذا نقيض مصلحة عملية السلام ويجب أن نضغط ليتم التراجع عن هذا القرار.
ما هي الإجراءات والتدابير وتحصين وضغط وأيضاً استفادة من تحويل التهديد إلى فرصة؟
قطع العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل وإغلاق السفارات وطرد السفراء، هذا أضعف الإيمان، هذه القدس، يعني هذا آخر الخط، هذا آخر شيء كان يمكن أن يتوقعه العالمان العربي والإسلامي.
وقف كل خطوات التطبيع التي بدأت في أكثر من بلد عربي وإسلامي وخليجي، بالتحديد بمواقع التواصل وبالزيارات وباللقاءات وبوسائل إعلام، هذا كله يجب أن يتوقف.
من جملة الاقتراحات المهمة جداً إعلان فلسطيني وعربي عن انتهاء المفاوضات لمن يؤمن بالمفاوضات حتى التراجع عن القرار
أن يصدر قرار واضح وملزم لجميع أعضاء الجامعة العربية وأعضاء منظمة التعاون الاسلامي يعتبر القدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين وليست قابلة للتفاوض.
يجب أن لا يفوتنا أن نوجه دعوةً حريصة جداً إلى جميع الحكومات وإلى جميع الدول وإلى جميع القوى وإلى جميع الأطراف في العالمين العربي والإسلامي، إلى وقف الحروب ووقف التقاتل ووقف الصراعات الداخلية... والبحث عن حلول والبحث عن التلاقي، لأن مقدساتكم، لأن قدسكم، لأن قضيتكم المركزية هي في خطر شديد أمام هذا الإجراء، الذي لا نعرف ما هي الإجراءات التي ستتبعه أيضاً.
اسمحوا لي في الختام، أن أقول على طريقتنا أيضاً وعلى فهمنا وعلى ثقافتنا القرآنية “وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم”.
نحن أمة ونحن شعوب لدينا القدرة على تحويل التهديد إلى فرصة، وعلى تحويل الخطر إلى إنجاز، وعلى ما يبدو في الظاهر هزيمة وانتصار للعدو أن نقلب المشهد ليصبح انتصاراً لأمتنا وهزيمة لأعدائها.