
نقد النظرية السياسية «تفضيل السنّي العلماني»
يصرّح حسن البنا في الأصول العشرين علي موضوع التقريب مع الشيعة كما أن هناك عشرات من الرموز الأخري التي تظهر أنه ليس تياراً تكفيرياً علي الرغم من أن الظروف السياسية اليوم للعالم الإسلامي قد وضعت الأخوان المسلمين في قضايا مثل سورية في مواجهة الشيعة لكن أصل هذا الأمر ليس عقائدي و ديني. عليرضا كميلي
نقد النظرية السياسية «تفضيل السنّي العلماني» *عليرضا كميلي مقدمة: بعد انحراف تطورات الصحوة الإسلامية في المنطقة توصّل الكثيرون في الداخل و المنطقة إلي هذه النتيجة وهي أنه لا يمكن الوثوق بالإسلاميين وقد استدلّوا علي ذلك بظهور داعش وتطورات سورية والعراق! يمكن تتبّع مثال علي هذه التحليلات في مواضيع الدكتور أسد اللهي. وبما أن هذه النظرية قد رسخت لدي البعض فإننا سنقوم بنقدها و دراستها حيث سنسميها تسامحاً «تفضيل السنّي العلماني»! عرض النظرية: إن تجربة الحركات الإسلامية المختلفة في العالم الإسلامي و كذلك تواجدها في بعض الدول يظهر أنه لا ينبغي علينا أن نذهب باتجاه تقوية هذه التيارات و حضور العلمانيين مفيد لنا أكثر وأفضل لنا! أدلة المدافعين عن هذه النظرية: 1)في الأساس المتدينون متطرفين و العلمانيون أكثر ليونة و أكثر تسامحاً. 2)إن تجربتنا التاريخية مع أهل السنة تظهر أنهم لن يتوافقوا مع الشيعة. 3)ليس كل المتدينين ولكن متديني أهل السنة يتوجهون نحو التطرف والعنف. 4)تجربة القاعدة وداعش و النصرة تظهر أن تقوية الإسلاميين ستكون نتيجتها الوضع الحالي! 5)تجربة عام واحد من حكم الأخوان المسلمين في مصر و مقتل حسن شحاته هي دليل علي تطرف الفكر الإسلامي في الظروف الراهنة للعالم الإسلامي! مناقشة أدلة القائلين بهذه النظرية: إن الإعتقاد بأن الأصل الديني هو عامل التطرف يستند في الواقع إلي نظريات تعتبر أن الدين هو عامل إيجاد التطرف إلا أن العوامل الإجتماعية و الظروف المحيطة لها دخل في ذلك، وإلا فإن الشيء الذي يعتبر عاملاً في إيجاد الإعتدال الفكري و اعتدال الشخصية و السيطره علي الغضب والحنق و الشهوة هي التعاليم الدينية و عملياً فإن إحصائيات الجريمة في الغرب هي دليل علي أن الشرقيين و بسبب التزامهم بالدين وإن العائلة هي المحور أقل عرضة للجرائم و الفساد الإنساني الشائع في الغرب. إن تجربة الحروب العالمية المدمرة هي دليل علي أن معظم القتلي قد خرجوا من بين التيارات المستهترة و المنفلتة. 2)الصراع التاريخي بين الشيعة والسنة هو قصة طويلة لكن في الواقع يوجد نقاط إيجابية كثيرة أيضاً في سياق ذلك الصراع. إن تجربة موافقة الأئمة الأربعة لأهل السنة لأهل البيت عليهم السلام و حرب كليهما مع الحكّام الأمويين و العباسيين المسلمين في الظاهر هو بنفسه دليل هام علي وجود نهج العدالة و محاربة الظلم لدي التيارات الدينية الشيعية و السنية. حتي في فترة الصفوية العثمانية حيث وللأسف بلغت الإساءات و الصراعات الدينية أوجها بسبب الجهل و تحريض الأعداء كان هناك علماء كبار بين الشيعة والسنّة كانوا يدركون قدر قوة المسلمين و من هنا أصدر علماء الشيعه الكبار في النجف حكم وجوب الجهاد ضد الإستعمار الإيطالي الذي هاجموا ليبيا و كذلك الإستعمار الإنكليزي الفرنسي الذي هاجم العثمانيين لأنهم كانوا يعلمون أنه عندما تضعف القوي الإسلامية فإن الأخضر و اليابس سيحترق و أن حجاب المرأة المسلمة في اسطنبول مركز الحكومة الحنفية و طهران مركز الحكومة الشيعية سينزع عن رأسها بطريقة ما! في الحقيقة فإن الصراعات بين هاتين القوتين كانت سياسية نوعاً ما و إلا ففي ذلك الوقت كنا نري أن العلاقات جيدة بين العثمانيين و بقية الدول ذات المذهب الشيعي أو الصفوي و بقية الدول ذات المذهب السنّي. 3)علي الرغم من أن الظروف التاريخية بعد انهيار الأمبراطورية العثمانية كانت قمع الإسلاميين في المائة عام الأخيرة، جرائم الغرب و الإستعمار في الدول التي يقطنها المسلمون، الظلم العلني للفلسطينيين والإحتلال الوقح للدول الإسلامية مثل العراق و أفغانستان جميعها و جميعها كانت أرضية من أجل زيادة التوجه نحو التشدد لكن مازلنا نشاهد أن هناك في الحقيقه تيارات معتدلة و حتي فكرية تميل نحو الغرب في جسم المسلمين و هي تتمتع بالغالبية لأن الناس عادة يعارضون التطرف و كل عامل مناهض للإستقرار و للحياة السلمية. في تركيا و تونس و مصر وعشرات الدول الأخري شهدنا نمو التيارات الإسلامية المعقولة والمعتدلة البعيدة عن الإفراط والتكفير وبالمناسبة تسير قدماً بقدم مع التحول الفكري الغربي. كما أن لدي الأخوان المسلمين تأثيرات فكرية من التيار السلفي أيضاً في أفكارهم ولكن في الوقت نفسه لم يقوموا بتكفير الشيعة. أعلن زعيم الأخوان في زمن حرب 33 يوم مخاطباً السيد حسن نصر الله بأنه مستعد لإرسال شبابه ليلتحقوا بحزب الله في حربه مع اسرائيل. يصرّح حسن البنا في الأصول العشرين بموضوع التقريب مع الشيعة كما أن هناك عشرات الإشارات التي تدل علي أن هذا التيار ليس تكفيري علي الرغم من أن الظروف السياسية اليوم للعالم الإسلامي قد جعلتهم في الجبهة المقابلة للشيعة في قضايا مثل سورية ولكن منشأ هذا الأمر ليس ديني واعتقادي. كذلك نري أن هناك تيارات مثل «تجمع العلماء» في لبنان و العديد من التيارات العلمائية في كل من أفغانستان و السودان و باكستان ومع أنها إسلامية شديدة إلا أنها تتمتع باعتدال مناسب و علاقات جيدة مع الشيعة. 4)يجب الفصل بين تيارات أهل السنة التي تضم الصوفيين و السلفيين المعتدلين و بين التيارات التكفيرية و الجهادية. علي الرغم من أن الوهابية و القاعدة قد استفادتا من القواعد التاريخية و الإجتماعية من أجل نموها لكن بالمناسبة هناك وراء تلك التيارات بشكل مباشر دور للدعم الغربي كما أن تدخل الأجهزة الأوروبية و الأمريكية فيها مشهود . علي الرغم من أن التيارات التكفيرية والجهادية يمكن أن يكون لها صوت مرتفع و كثير بسبب الدعم المالي و الإعلامي أو بسبب الأعمال الأمنية والعسكرية إلا أنها مازالت تعتبر أقلية في العالم الإسلامي. 5)علي الرغم من أنه لا يمكن إنكار وجود أرضيات للتطرف و لكن يبدو أن الكثير من الإختلاف في الآراء مع التيارات الإسلامية غير التكفيرية و غير الجهادية له جذور سياسية لا دينية حيث أن حلّ ذلك ينتج عنه زيادة في التقارب و الحوار. هناك كلام كثير حول حكم الأخوان المسلمين لمدة عام في مصر و لا مجال هنا للخوض في هذا الموضوع لكن من المفيد أن نشير إلي عدة أمور: حسن شحاته من زملاء ياسر الحبيب في قناة فدك و من الشخصيات المتطرفة المقربة من الطيف الشيرازي حيث كان يتطرق في القنوات الفضائية وبشكل علني للإساءة لمقدسات أهل السنة لكن حتي يوم تلك الحادثة التي كانت جريمة بالتأكيد لم يتخذ بحقه أي إجراء و هذا يدل علي أن حادثة قتله كانت مشبوهة علي الرغم من أنه هو نفسه كان له علاقة باستفزاز الناس.
