
معاني وأشكال التقريب وَالتفاعل وَمقاربة الوحدة
الوحدة من منظور آية الله الأعرافي- القسم الثاني
خطاب الثورة الإسلامية رابع نظرية موجودة في هذا المجال. هذا الخطاب الذي ينبع من نظريات الإمام الخميني؛ المنادي الإسلامي الدولي بوحدة الأمة تحت راية واحدة والدفاع عن جميع المسلمين في كافة أنحاء العالم؛ بالطبع يجب القول أنه مع وجود النظريات السابقة فإن الإسلام الحقيقي ليس بمعنى الجمع بين كافة عقائد المذاهب الاسلامية المتنوعة أو مشتركاتها فقط.
* آية الله الأعرافي ♦وفيما يأتي سنتناول النظريات التي يمكن تصورها حول طريقة التفاعل بين المذاهب الإسلامية. وفي هذا المجال يجب القول أن هناك أشكال عديدة لموضوع الوحدة والتقريب بين المفكرين والمذاهب الإسلامية: 1.من أجل تشكيل الوحدة بين المذاهب الإسلامية يجب القيام بنوع من الدمج و رسم صورة جديدة عن الإسلام و جميع الفرق والمذاهب بحيث تشمل أفكار مختلف المذاهب لتتشكّل صورة شاملة عن كل الأفكار الإسلامية تكون شاملة لجميع الآراء الموجودة في المذاهب الاسلامية المختلفة. واضح أنّ مثل هذا الدمج ليس منطقي أبداً، و السبب في استحالته يعود إلى عدم إمكانية اجتماع النقيضين؛ لأننا نطالع بين المذاهب الاسلامية عقائد تتعارض فيما بينها بشكل كامل ولا يوجد أي قاسم مشترك فيما بينها. على سبيل المثال لا يمكن الجمع بأي شكل من الأشكال بين عقائد من يقولون بالخلافة و عقائد من يقولون بإمامة الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، أو أن نجد لهذين الأمرين المتضادين عقيدة مشتركة؛ على هذا الأساس يجب القول أن هذه النظرة والصورة ليست منطقية ولا يمكنها بأي شكل من الأشكال توفير مسار صحيح من أجل وحدة المسلمين. 2. هناك صورة أخرى تدّعي تشكيل إسلام بدون مذاهب. في النظرية الأولى قيل أنه يمكن الجمع بين جميع المذاهب و ينبغي التخلّي عن جميع المسائل الخلافية بين المذاهب الإسلامية و التأكيد فقط على المشتركات الموجودة فيما بينها. يتضح أن هذه الصورة معناها رفض المذاهب الإسلامية وليس هناك اعتقاد بالجمع فيما بينها؛ على هذا الأساس وفي الأمور الخلافية مثل الإمامة و الخلافة يوضع كلاهما جانباً و يتم اعتبار الإسلام حقيقة تتشكل من اجتماع مشتركات المذاهب المختلفة و طرد جميع الأمور الخلافية. يجب القول أن هذه النظرية ليست صحيحة أيضاً ولا يمكن للمنادين بالوحدة أن يقبلوا بها؛ لأن الفرض هو أن كل مذهب من المذاهب الإسلامية لديه أدلة على عقائده التي يقبل بها والتي يختلف بها مع المذهب الآخر، كما أن أعلاماً مثل سماحة الإمام الخميني الذي كان من المنادين الحقيقيين بالوحدة الإسلامية كان يضحي بحياته في سبيل المسائل الخلافية مثل موضوع الإمامة وأكد أنّ أمر الإمامة مهم للغاية بالنسبة لنا ولا يمكن التغاضي عنه؛ لذلك فقد اعترف هؤلاء الأعلام أن هذه المسائل الخلافية الفكرية، العقائدية، الكلامية و الفقهية هي من بين عقائد الإسلام و أحكامه الحقّة وأن التخلّي عنها لا يمكن أن يكون صحيحاً بأي شكل من الأشكال. وبناءاً على ما قيل اتضح أن النظرية الثانية ليست صحيحة أيضاً ولا يوجد من يقول بها؛ لأننا نحن الشيعة نعتقد أن استدلالات كبار العلماء مثل مير حامد حسين الهندي في أسفار الأنوار، العلّامة الأميني في الغدير وبقية أعلام مذهب الشيعة الإثني عشري من أجل إثبات أحقية هذا المذهب هي استدلالات صحيحة، وَ لدينا براهين قوية من أجل الدفاع عن أركان عقائد الشيعة مثل الإمامة، وإن قبول هذه النظرية يتعارض بشكل كامل مع الوحدة. 3. في النظرية الثالثة هناك اعتقاد بالتعددية الدينية. دخلت التعددية من العالم الغربي إلى العالم الإسلامي، بمعنى أن الحق متعدد وليس واحد؛ على هذا الأساس فإن التعددية الدينية معناها أيضاً أن جميع المذاهب الموجودة في عالم الواقع بكل ما تضمه من اختلافات هي مذاهب حقّة، لذلك لا ينبغي أن يكون هناك أي تعارض بينها، لكن يجب القول أن هذه النظرية ليست صحيحة أيضاً وأن التعددية لا تنشأ عن تفكير صحيح؛ لأنه في فكرنا ليس مقبولاً تكثّر الحقيقة في عالم الواقع بمعنى أنه يجب القول أنّ خطأ هذه النظرية مردّه إلى امتناع اجتماع النقيضين ولا يمكن القبول بأن عقيدتين متعارضتين يكونان صحيحتين في عالم الواقع؛ بل أنه في كل مسألة خلافية هناك حكم حق واحد و عقيدة حقّة واحدة فقط؛ بالطبع التعددية موجودة أيضاً في مقام المعذورية حيث يأتي هناك موضوع حول الجاهل المقصر المعذور. على سبيل المثال إذا كان شخص جاهل وقاصر غير مقصر و اختار لنفسه ديناً و عقيدة، بسبب أنه لا يمكلك سبيلاً لمعرفة الواقع فإنه معذور وهذه المعذورية معناها أن الله يمكن أن لا يعذبه من أجل هذه العقيدة الخاطئة؛ لكن هاهنا لا يوجد هذا الإدّعاء بأن الحق متعدد؛ لذلك يجب القول في النتيجة أن التعددية أمر خاطيء على أرض الواقع؛ لكن التعددية في الإنقاذ صحيحة في الإجمال وليس بالإجمال؛ وهكذا يجب القول أن النظرية الثالثة هي نظرية خاظئة أيضاً. اتضح إلى الآن أنّ النظريات الثلاث ليست صحيحة في موضوع الوحدة الاسلامية ولا يمكن للشيعي الحقيقي أن يعتقد بواحدة من هذه العقائد الثلاث. وفي مقام العمل أيضاً نرى بوضوح أن العديد من الإنتقادات الموجهة نحو موضوع التقريب تعود إلى واحدة من هذه النظريات الثلاث و تشير إلى الإشكالات التي يُتصوّر أن تنتج عنها. 4. خطاب الثورة الإسلامية رابع نظرية موجودة في هذا المجال.هذا الخطاب الذي ينبع من نظريات الإمام الخميني منادي إسلامي دولي بوحدة الأمة تحت راية واحدة والدفاع عن جميع المسلمين في كافة أنحاء العالم
